السعودية / نبأ – لم يدم طويلا الخط البياني المتصاعد للتقارب السعودي الايراني، فسريعا ما أحسن وزير الخارجية سعود الفيصل تبديد الأجواء الإيجابية التي سادت مؤخرا، وأعطت منسوبا من التفاؤل بحوار متنامٍ بين البلدين قد يكون توطئة لتسويات تنتظرها الملفات الساخنة أمنيا وعسكريا في المنطقة.
فبعبارات لاذعة صوّب الوزير الفيصل تجاه ايران الى حد دعوة الأخيرة لسحب ما أسماه قواتها المحتلة من سوريا والعراق وأضاف اليهما هذه المرة اليمن، وذلك في إطار مشارطة ضمنية مسبقة للتعاون مع ايران.
كان من اللافت العبارة التي استخدمها الفيصل، حين قال بأن إيران “هي جزء من المشكلة وليس الحل”، عبارة تنطوي على خلاصة الرؤية السعودية لإيران، وهي الرؤية التي تجعل الأخيرة في خانة الاتهام الدائم من جانب السعودييين.
في المؤتمر الصحفي الذي جمعه ونظيره الألماني، بدت لهجة الفيصل مختلفة عما كانت عليه خلال لقائه نظيره الإيراني جواد ظريف في نيويورك في سبتمبر الماضي، ليستدعي هذا التصعيد ردا إيرانيا سريعا جاء على لسان نائب وزير الخارجية حسين عبداللهيان غمز فيه من قناة البحرين، داعياً السعودية لإنهاء وجودها العسكري في البحرين، وقال عبد اللهيان بأن ذلك سيؤدي إلى تحقق حل سياسي في المنامة وبدء الحوار الوطني، وأكّد المسؤول الإيراني بأن تصريحات الفيصل تتعارض “مع أجواء المباحثات بين البلدين”، في إشارةٍ إلى سياسة “عدم غلق الأبواب” التي تعتمدها طهران إقليميا، ولإخلاء المسؤولية من أية انهيار لمباحثات البلدين.
سيشكل السجال الجديد بين الرياض وطهران رغبة سعودية بالعودة للمربع الأول؟ أم أن هذه التصريحات تحافظ على منسوب أقل فاعلية من مستوى إلغاء مسار التقارب الجديد في بدايته؟
محللون وضعوا تصريحات الفيصل في سياق التطورات المتسارعة في المنطقة، حيث يشهد التجاذب الإيراني السعودي أوْجه في اليمن والعراق وسوريا، ولاسيما في إطار تداعيات التحالف الغربي لمحاربة تنظيم داعش، والتدخل التركي الأخير الذي مثّل نقطة تقارب جديدة بين الرياض وأنقرة، رغم الحرب الباردة التي تطغى على العلاقات بينهما.
وكان الإيرانيون قد حذّروا من أية محاولات لاستغلال حرب التحالف على داعش، لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، لاسيما بعد موافقة تركيا على طلب أمريكي بتدريب “المعارضة السورية”، وقد أبدت السعودية قبل ذلك استعدادها بالمثل لاستقبال هذه المعارضة وتدريبها بناءاً على اتفاق أمريكي.