السعودية / نبأ – صمتت المحكمة الجزائية المتخصصة في المملكة السعودية دهرا ونطقت ظلما، بعد طول إرجاء وتحايل أصدرت هذه المحكمة حكمها القضائي بالقتل تعزيرا على الشيخ الرمز نمر باقر النمر. حكم يحمل أكثر من دلالة سياسية وآيديولوجية خصوصا أنه يأتي في توقيت حرج وحساس بالنسبة للسلطات الحاكمة في المملكة.
في نص قرار الإعدام إتهامات للنمر بالمطالبة بإقامة نظام ولاية الفقيه في بلاد الحرمين والطعن في بعض الصحابة وسب رجال الدولة، إتهامات سبقتها نسبة إشعال الفتنة الطائفية والخروج على ولي الأمر وجلب التدخل الخارجي ودعم التمرد في البحرين إلى الشيخ الرمز. ولو صحت هذه الإتهامات جميعها لما استوجبت حكما قاسيا من نوع القتل بالتعزير، لكنها ثقافة استرخاص الحياة والإستهزاء بالأرواح والإستعداد للتقتيل خبط عشواء، هكذا هي المملكة السعودية منذ نشأتها وهكذا هم الدواعش المتربون على أيديها، لمجرد الإختلاف في الرأي أو المعتقد أو التوجه الفكري أو الديني أو الإرادة السياسية يصبح سفك الدماء خيارا لا بد منه بل لا مناص منه بل لا حل غيره.
يعشق هؤلاء مشاهد الجثث الهامدة والرؤوس المقطوعة والأجساد المصلوبة والظهور المتلوعة، بالنسبة إليهم لا إستمرارية لمشاريعهم إلا بالقضاء على الأنفاس المعارضة قضاء تاما لا محاصرتها أو التضييق عليها فقط. الشيخ نمر النمر ليس الأول ولن يكون الأخير، طالما أن الملوك والأمراء يعتبرون أية مطالبة بالحقوق السياسية والإجتماعية المشروعة لمواطني المملكة ونظرائهم في الدول المجاورة تهديدا للأمن القومي واستدعاء للأيادي الأجنبية وعمالة للخارج فإن لائحة الإعدامات الإعتباطية ستطول حتما.
إلا أنّ الشّيخ النمر، الذي تلقّى قرار المحكمة بكلّ هدوءٍ واطمئنان، يعلمُ جيداً أنّ النّظام لن يتوانى في إصدار هذا الحكم الجائر، وهو لأجل ذلك لم يهتزّ قيد أنملة، ولن يرفعَ يديه استسلاماً وطلباً للعفو. الشيخ النّمر قال كلمته في وجه سلطان جائر، واستمرّ في قولها وهو بين يديّ الجوْر كلّه، وتلك هي سيرةُ الرّجال الذين يصنعون لأمتهم نصراً، ولو بعد حين.