السعودية / الإيكونوميست – في الوقت الذي يخشى فيه الحكام في المملكة العربية السعودية من تأثر سكانهم ذوي الأغلبية السنية بالجهاديين من “الدولة الإسلامية”، لا يبدو من الحكمة استعداء الشيعة الذين يشكلون 10 إلى 15 في المائة من نسبة السكان هناك.
ولكن هذا هو بالضبط ما فعلته محكمة سعودية في الخامس عشر من أكتوبر، عندما حكمت على نمر باقر النمر، وهو رجل دين شيعي بارز، بالإعدام. لقد شكل هذا الحكم صدمة دفعت على الفور إلى قيام احتجاجات في شوارع المنطقة الشرقية المأهولة بالسكان الشيعة إلى حد كبير، وحيث يتم إنتاج معظم النفط في المملكة.
وهذه الخطوة تهدد بإشعال العنف الطائفي الذي اندلع دورياً على مدى العقود الأخيرة، فضلاً عن تعكير الجهود لتهدئة التوترات بين السنة والشيعة في أنحاء المنطقة على نطاق أوسع. وقد حذر قائد القوات المسلحة الإيرانية المملكة العربية السعودية من أنها “ستدفع ثمناً غالياً” إذا ما تم تنفيذ الإعدام.
وكخطيب قوي، ظهر الشيخ نمر، البالغ من العمر 54 عاماً، كزعيم للاحتجاجات التي اندلعت في عام 2011 رداً على القمع العنيف للحركة المؤيدة للديمقراطية في البحرين المجاورة. وترتبط البحرين، وهي المملكة التي تحكمها أسرة سنية وغالبية سكانها من الشيعة، بالمنطقة الشرقية بواسطة جسر.
وفي خطبه، لم ينتقد نمر الحملة البحرينية التي دعمتها قوات من المملكة العربية السعودية وغيرها من حلفاء الخليج السنة، فقط، بل وطالب أيضاً بمزيد من الحقوق للشيعة في المملكة العربية السعودية نفسها، والذين طالما شكوا من التمييز في الوظائف الحكومية والتعليم، وكذلك من تعرضهم للتجريح من جانب وسائل الإعلام الرسمية. وقد تم تعيين أول وزير شيعي في التاريخ السعودي فقط في يونيو من هذا العام.
وكان نمر حريصاً على عدم التحريض على العنف، حيث طلب من المتظاهرين استخدام الوسائل السلمية فقط. كما أصر على أن السنة، مثل الشيعة، كانوا ضحايا قمع مماثل، وأدان نظام بشار الأسد المدعوم من إيران في سوريا في نفس الوقت الذي أدان فيه عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين.
ولكن قد تكون هذه الاستنكارات المبطنة للاستبداد هي بالضبط ما أثار غضب السلطات السعودية. وعندما اعتقلت الشرطة نمر في يوليو 2012، زعمت، بطريقة غير مقنعة، أن الأربعة أعيرة نارية التي تلقاها في ساقه كانت نتيجةً لتبادل لإطلاق النار.
وقد يراهن السعوديون على أن الحكم القاسي من المرجح أن يكون بمثابة رادع، بدلاً من أن يصبح سبباً لاستمرار الاحتجاجات. لقد تغير الكثير في العامين التاليين لاعتقال الشيخ نمر، وهو الاعتقال الذي أثار أعمال الشغب أدت إلى مقتل ثلاثة متظاهرين. وقد أدى الخوف من عدم الاستقرار بين السعوديين إلى أن غضب الشيعة قد انتهى إلى فشل ذريع على مدى الأشهر القليلة الماضية.
ويقارن الناس بين البحرين، والتي التزم فيها الشيعة إلى حد كبير، ولو كان بدون رغبة، بالهدوء، وبين الفوضى عبر الحدود في العراق وسوريا، حيث أضافت الكراهية الطائفية وقوداً على نار الحروب الأهلية الدامية.
ومع مشاركة القوات الجوية السعودية جنباً إلى جنب مع قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضد المتشددين السنة من “الدولة الإسلامية”، فقد حصر الشيعة السعوديون التعبير عن استيائهم في الوقت الحاضر بتعليقات في الفيس بوك.
وعامل التهدئة الآخر هنا، وفقاً لما يقوله إبراهيم المقيطيب، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان في مدينة الدمام بشرق المملكة، هو أنه من غير المرجح أن يتم تنفيذ حكم الإعدام. المملكة العربية السعودية تميل إلى توفير تنفيذ الإعدام الفعلي لاستخدامه بحق المجرمين، أو أمثال متشددي القاعدة الذين نظموا حملة التفجيرات بين عامي 2003 و2006. والشيخ نمر سوف يقوم بالاستئناف ضد الحكم الصادر بحقه، والملك عبد الله قد يعفو عنه.
ولكن، ومع ذلك، فإن السعوديين ليسوا خجلين فعلاً من عقوبة الإعدام. حيث أنه، وفي العام الماضي، نفذت المملكة أحكام الإعدام، والتي تتم عادةً بقطع الرأس، أكثر حتى من الصين وإيران والعراق.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها