السعودية / بيزنس ويك – مع مضي الولايات المتحدة على الطريق لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم بحلول العام المقبل، أصبح وصف أمريكا على أنها المملكة العربية السعودية الجديدة أمراً أكثر شعبية في واشنطن ووول ستريت.
ولكن الحقيقية هي أن المملكة العربية السعودية لم تتخل بعد عن دورها كأكبر منتجة وصاحبة أعظم تأثير على أسعار النفط.
احتياطيات المملكة البالغة 266 مليار برميل، والقدرة على ضخ ما يصل إلى 12.5 مليون برميل يومياً، والأهم، التكلفة المنخفضة لاستخراج النفط الخام فيها، هي عوامل لا تزال تجعلها منافساً قوياً للولايات المتحدة، التي من الصعب استعلال آبارها من النفط الصخري.
وكما يقول إدوارد تشاو، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، فإن “المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي تستطيع وضع المزيد من النفط في السوق عندما تريد، وخفض الإنتاج عندما تريد”. والسعوديون هم أيضاً أقوى عضو في أوبك، والتي تضم 12 عضواً.
وفي سبتمبر، وعلى الرغم من وفرة النفط العالمي إلى حد كبير بسبب التباطؤ في الصين والزيادة السريعة في إنتاج الولايات المتحدة، عزز السعوديون إنتاج نصف في المئة، ليصل إلى 9.6 مليون برميل يومياً، ورفع إنتاج أوبك مجتمعة إلى أعلى مستوى في 11 شهر تقريباً، ليصل إلى 31 مليون برميل يومياً.
ومن ثم، وفي 1 أكتوبر، خفضت السعودية الأسعار بعد زيادة الخصم الذي عرضته على عملائها الرئيسيين في آسيا. وقد كان بإمكان المملكة بنفس السهولة تخفيض الإنتاج للدفاع عن ارتفاع الأسعار.
ولكن، وبدلاً من ذلك، أرسل السعوديون إشارة قوية على أنهم مصممون على حماية حصتهم في السوق، وخصوصاً في الهند والصين، ضد روسيا، أمريكا اللاتينية، والدول الأفريقية المنافسة. وقام العراق وإيران بالتصرف كما فعلت المملكة العربية السعودية.
وهكذا، تراجع خام برنت القياسي الدولي، من 115.71 دولار للبرميل في 19 يونيو إلى 82.60 دولار للبرميل في 16 أكتوبر/تشرين الأول، وهو أدنى سعر في أربع سنوات تقريباً، حيث أدرك المستثمرون أن الدول النفطية الكبرى لم تكن تنوي خفض الإنتاج. وعن هذا، قال يوجين واينبرغ، رئيس قسم أبحاث السلع الأولية لدى كومرتس بنك، في الثاني من أكتوبر: “يبدو أن أوبك تستعد لحرب أسعار”.
وتمثل الصادرات النفطية 85 في المئة من عائدات الحكومة السعودية. ويقدر صندوق النقد الدولي أن المملكة تحتاج متوسط سعر سنوي 83.60 دولار على الأقل للبرميل لتحقيق التوازن في الميزانية الوطنية. وبما أن متوسط سعر خام برنت هذا العام هو 106 دولار، فإنه لا يزال فوق السعر المناسب للسعودية.
ويقترح دبلوماسي أجنبي مقره في الرياض أن الأسعار الحالية ليست سبباً للقلق بسبب الوضع المالي القوي للمملكة.
ويضيف الدبلوماسي أن أحد الأسباب التي دفعت المملكة العربية السعودية إلى تخفيض الأسعار هو أن النمو الاقتصادي العالمي لا يزال هشاً، وأن النفط الخام الأرخص يمكن أن يساعد عملائها في النمو بشكل أسرع.
حيث إن كل انخفاض بنسبة 10 في المئة في أسعار النفط يحفز الزيادة في الاستهلاك في الاقتصاد العالمي بنسبة 0.15 في المئة.
وتمتلك المملكة الائتمان الاسترليني ونحو 735 مليار دولار من الاحتياطيات المالية، وبالتالي هي في وضع أفضل لتحمل الانكماش الطويل من منافسيها، كما يقول بروس جونز، وهو زميل بارز في معهد بروكينغز في واشنطن.
ومن الممكن أن تلحق حرب الأسعار ضرراً خطيراً بالفعل بدول مثل إيران، التي لا تزال صادراتها مقيدة بالعقوبات الغربية، وتحتاج إلى سعر هو 153.40 دولار للبرميل، وفقاً لصندوق النقد الدولي. وأما روسيا، فتعول على 100 دولار للبرميل، وميزانيتها تفقد حوالي 2 مليار دولار مع كل دولار أقل من هذا السعر، وفقاً لمكسيم أوريشيكن، رئيس التخطيط الاستراتيجي في وزارة المالية الروسية.
والسؤال بلا إجابة هو ما إذا كان انخفاض الأسعار هذا يلحق ضرراً بطفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة. ولكن الدبلوماسي في الرياض يشك في أن يكون لدى السعوديين سياسة متعمدة للتصدي لإنتاج النفط غير التقليدي عن طريق التكسير. حيث إنه لا معنى لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة، وهي الحليف في الحرب ضد “الدولة الإسلامية”.
هذا وقد أضرت السياسة السعودية بشن حرب أسعار بالفعل بالأعضاء الأضعف في أوبك. ودعت فنزويلا إلى عقد اجتماع أوبك طارئ لتنظيم ارتفاع الأسعار. لكن طلب الفنزويليين تم تجاهله “من المملكة العربية السعودية ودول الخليج مثل الكويت، الذين يقولون إنهم لا يعتزمون تغيير المسار الحالي قبل اجتماع أوبك القادم يوم 27 نوفمبر”.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها