السعودية / نبأ – تظهر الوثائق التاريخية كيف كان الملك عبد العزيز ال سعود يتعامل بتذلل مع المندوب البريطاني في العراق بيرسي كوكس.
فبعد توبيخ كوكس لعبد العزيز خلال مؤتمر العقير عام الف وتسعمئة واثنين وعشرين، بسبب اختلاف وجهات النظر حول تحديد الحدود ذهب سلطان نجد الى كوكس متوسلا اياه حتى لا يغضب الاخير عليه، لدرجة انه اعرب عن استعداده للتنازل عن مملكته كلها في حال اراد المستعمر البريطاني ذلك.
موسوعة دليل الخليج التي صنفتها الحكومات البريطانية تحت بند سرّي مدة سبعين سنة، تذكر حصول مراسلات بين عبد العزيز ووالده عبد الرحمن الى كوكس حينما كان في بوشهر الايرانية.
هذه المراسلات كانت تستجدي ود البريطانيين من خلال عرض الخدمات عليهم، لكنهم لم يلقوا بالا لها. وطوال عشرة اعوام لم يرد اي من المسؤولين البريطانيين على هذه الرسائل التي تضمنت احداها عرضا من عبد العزيز بالقبول بوكيل سياسي بريطاني في الرياض كما هي الحال في البحرين والكويت ومسقط.
يروي الكاتب جعفر البكلي الاسباب التي أدت الى عدم تعويل بريطانيا على ابن سعود اوائل ظهوره في بداية القرن العشرين، ويرد ذلك الى عدة اسباب بينها الصيت السيء الذي اكتسبه السعوديون باعتبارهم جماعة دينية دموية ومتطرفة لديها ميل دائم للتوسع. اما السبب الثاني فلم يكن من مصلحة لندن أن إثارة سخط اسطنبول بدعمها لبدوي متمرد عليها.
لم تغير بريطانيا رأيها من التواصل مع عبد العزيز آل سعود إلا قبل الحرب العالمية الاولى، وفي ايلول من العام الف وتسعمئة واربعة عشر ارسلت وكيلها السياسي السابق في الكويت الكابتن وليام شكسبير ليتفاوض في شأن اتفاقية تعترف فيها لندن لعبد العزيز بحكم نجد والاحساء والقطيف والجبيل وتتعهد له بحماية شخصه ومُلكه، مقابل أن يتعهد هو بأن لا يقطع أمراً يتعلق بسياسته الخارجية أو الاقتصادية من دون موافقتها، وأنه سوف يتبع نصائحها في ذلك دون تحفظ.
كما كان للبريطانيين مطلب آخر وهو إصدار مشايخ الوهابيين لفتوى دينية تحرّم على الجنود العرب الخدمة في صفوف الجيش التركي، وتدعوهم إلى الانشقاق عنه.
وما اشبه هذا التاريخ بسياسة ال سعود الحالية القائمة على تنفيذ السياسات الاميركية تحت غطاء الدين والإسلام.