السعودية / وول ستريت جورنال – الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، كتب سرًا إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، في منتصف الشهر الماضي، واصفًا المصلحة المشتركة بين الدولتين في محاربة المتشددين من “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، وفقًا لأشخاص مطلعين على هذه المراسلات.
وبدت الرسالة موجهة لدعم الحملة ضد “الدولة الإسلامية” من جهة، ومن جهة أخرى لجذب الزعيم الديني الإيراني إلى نقطة أقرب بما يتعلق بالصفقة النووية.
ويقول نفس الأشخاص إنّ أوباما شدد لخامنئي على أن أي تعاون ضد “الدولة الإسلامية” يتوقف إلى حد كبير على توصل إيران إلى اتفاق شامل مع القوى العالمية حول مستقبل البرنامج النووي لطهران قبل حلول الموعد النهائي في 24 نوفمبر.
وتمثل رسالة شهر أكتوبر هذه على الأقل المرة الرابعة التي يكتب فيها أوباما إلى الزعيم السياسي والديني الأقوى في إيران، منذ توليه منصبه في عام 2009، وتعهده بالتعامل مع الحكومة الإسلامية في طهران. وتؤكد هذه المراسلات أن الرئيس الأمريكي ينظر إلى إيران على أنها مهمة، سواءً بطريقة إيجابية أو سلبية، بالنسبة لحملته الموجهة لطرد “الدولة الإسلامية” من الأراضي التي سيطرت عليها على مدى الأشهر الستة الماضية.
وعن المفاوضات بشأن الصفقة النووية، قال أوباما يوم الأربعاء عن القيادة الإيرانية: “هناك جزء كبير من النخبة السياسية في طهران معتاد على معاداة الولايات المتحدة”. وأضاف: “وسؤال ما إذا كانوا يستطيعون قول: نعم … هو سؤال مفتوح”.
وتجددت المقاومة للصفقة التي يسعى أوباما لإبرامها مع طهران بعد انتخابات يوم الثلاثاء التي أعطت الجمهوريين السيطرة على مجلس الشيوخ. هذه الانتخابات أضافت زخمًا إلى القوة التي تسعى على حد سواء لمنع التوصل إلى اتفاق وإلى فرض عقوبات جديدة على إيران، داخل الولايات المتحدة.
وفي مؤشر على حساسية المحادثات الدبلوماسية مع إيران، لم يخبر البيت الأبيض حلفائه في الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عن رسالة أوباما لخامنئي في أكتوبر، وفقًا للمصادر التي اطلعت على هذه الرسالة.
وقد عبر قادة هذه الدول عن قلقهم المتزايد خلال الأسابيع الأخيرة من أن الولايات المتحدة تستعد لتخفيف مطالبها بشكل كبير ضمن المحادثات النووية مع طهران. وقالوا إنهم قلقون من أن الصفقة قد تسمح لإيران باكتساب القدرة على إنتاج أسلحة نووية في المستقبل.
ويخشى القادة العرب أيضًا من أن التقارب بين واشنطن وطهران يمكن أن يكون على حساب أمنهم ومصالحهم الاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. واتهم هؤلاء القادة الولايات المتحدة بإخفاء تعاقداتها الدبلوماسية مع طهران عنهم. حيث أطلقت إدارة أوباما محادثات سرية مع إيران في العاصمة العمانية مسقط في منتصف عام 2012، ولكن لم يتم إخبار حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط عن هذه القناة الدبلوماسية السرية حتى أواخر عام 2013.
وامتنع مسؤولون أمريكيون كبار عن مناقشة رسالة أوباما لخامنئي أو الرد على الأسئلة التي وجهتها لهم صحيفة وول ستريت جورنال. ولكنّ مسؤولي الإدارة لم ينفوا وجود الرسالة عندما تم سؤالهم عنها من قبل دبلوماسيين أجانب في الأيام الأخيرة.
هذا، وقد بعث أوباما رسالتين إلى المرشد الأعلى في إيران البالغ من العمر 75 عامًا، خلال النصف الأول من عام 2009، داعيًا إلى تحسينات في العلاقات بين الدولتين، وهي العلاقات التي كانت قد جمدت منذ قيام الثورة الإسلامية في طهران عام 1979.
وقد تحسنت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بشكل كبير خلال العام الماضي، في أعقاب انتخاب الرئيس حسن روحاني. وكان لأوباما مكالمة هاتفية مع روحاني استمرت لمدة 15 دقيقة في سبتمبر عام 2013. كما عقد وزيرا خارجية البلدين، كيري وظريف، محادثات مباشرة بانتظام حول الدبلوماسية النووية والقضايا الإقليمية.
وأكد مسؤولون أمريكيون أنهم لا يقومون بالتنسيق مع طهران بشأن مكافحة “الدولة الإسلامية”. ولكن، ومن بين الرسائل التي نقلت إلى طهران، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، كانت الرسائل التي أكدت أن العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا لا تهدف إلى إضعاف طهران أو حلفائها.
وقال مسؤول أمريكي كبير مطلع على هذه الاتصالات: “لقد مررت رسائل للإيرانيين من خلال الحكومة العراقية والسيستاني تقول إن هدفنا هو ضد داعش فقط. وأننا لا تستخدم هذه العمليات كمنصة لإعادة احتلال العراق أو لتقويض إيران”.