السعودية / بلومبيرج – منافسو المملكة العربية السعودية في حقول الصخر الزيتي بدءا من «نورث داكوتا»، وحتى «تكساس» لم يتراجعوا في الوقت الذي تشنُّ فيه المملكة حرب أسعارٍ في محاولة لاستعادة حصتها في السوق وتهدئة المنافسة.
وتعتقد الشركات الأمريكية العاملة في مجال الصخر الزيتي والنفط الخام أن لديها قدرة تحمل واستراتيجية قادرة على مقاومة انخفاض الأسعار تفوق قدرة شركاء السعودية داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك». وهناك العديد من المنتجين ينوون زيادة الإنتاج بحسب «بلومبيرج».
وصرّح «آرشي دونهام» – مدير شركة تشيسابيكي إنيرجي كوربوريشن الأمريكية لإنتاج الصخر الزيتي – خلال اتصال هاتفي أن «المملكة العربية السعودية دخلت بالفعل في مقامرة كبيرة هنا. إذا كانوا يخفّضون سعر البرميل إلى ما بين 60 أو 70 دولارًا للبرميل سترى تباطؤا في الولايات المتحدة، لكن لن يكون هناك توقف. العواقب بالنسبة لدول «أوبك» الأخرى ستكون أكثر ألمًا».
التراجع في سعر خام برنت العالمي أول أمس إلى أدنى مستوياته خلال السنوات الأربعة الماضية أضاف مزيدًا من التوتر إلى السوق في الوقت الذي تستعد فيه المملكة العربية السعودية للاجتماع مع زملائها الـــ 11 أعضاء المنظمة خلال عطلة عيد الشكر في 27 نوفمبر/تشرين الثاني بالولايات المتحدة. وبعد خفض سعر نفطها الخام المُباع للأمريكيين، فإن مصدر القلق يكمن في أن المملكة العربية السعودية لن تُقرّ خفض الانتاج للمساعدة في إحداث توازن في الإمدادات، ودفع الأسعار للارتفاع مُجددًا.
وأضاف «دونهام» – الذي عمل في السابق كرئيس ورئيس تنفيذي لشركة كونوكو فيليبس – أن ماتقوم به السعودية قد يساعدها نظرًا لما تمتلكه من احتياطي نقدي وأصول أخرى تمكنها من مقاومة انخفاض برميل النفط إلى 50 دولارًا. مُضيفًا: «الغالبية العظمى من منتجي أوبك لا يمكنهم التوفيق بين ضبط ميزانياتهم كما يرغبون والحفاظ على شعبهم سعيد في ظل انخفاض الأسعار تحت 80 دولارا للبرميل».
زيادة الإنتاج
وتعهد المسئولون التنفيذيون في العديد من شركات إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي الواسعة – بما فيهم تشيسابيكي إنيرجي كوربوريشنو إي أوه جي ريسورسز – بالحفاظ على، بل وزيادة الإنتاج، بعد أن حققوا أرباحًا هذا الأسبوع، مؤكدين أن نجاحهم في خفض التكاليف يعني أنه يمكنهم تحقيق أرباح حتى في حالة تدهور الأسعار أكثر.
ومن جانبه صرح «جيمس فولكر» – رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة وايتينج بيتروليوم كوربوريشن- «لا يخيفنا ذلك هنا (في شركة وايتينج بيتروليوم كوربوريشن). ذلك يُظهر جودة ما لدينا وقدرتنا على النمو، ومواصلة إضافة صافي قيمة الأصول لكل سهم».
أسعار النفط
شركة «نورثيرن كونتايننتال ريسورسز» و«بيونير ناتشورال ريسورسز» من بين الشركات المنقّبة عن الصخر الزيتي؛ وقد أعلنتا عن عدم وجود أي نية لإبطاء وتيرة التنقيب ردًا على انهيار الأسعار. نفس الشيء بالنسبة لشركة «كونوكو فيليبس» و«ماراثون»؛ واللتان أشارتا إلى أن فُرصهم أفضل في ظل عملهما في مناطق تكساس وداكوتا الشمالية، معتبرين استثماراتهم في تلك الحقول هي الأكثر ربحًا على الإطلاق.
وفقدت العقود الآجلة للنفط في بورصة نيويورك تقريبًا ثلث قيمتها خلال الأشهر الأربعة الماضية؛ حيث انخفضت دون 76 دولارًا للبرميل في 4 نوفمبر نتيجة القلق بشأن وفرة المعروض المتوقعة. (في الصورة: شاحنات وقطار نقل الخام – داكوتا الشمالية)
القرار السعودي
اجتماع «أوبك» في وقت لاحق من الشهر الجاري في فيينا النمساوية سيكون الأول للمنظمة منذ بدء انحدار الأسعار في يونيو/حزيران الماضي. ويتجه وزير النفط السعودي – علي النعيمي – لمقابلة دول منتجة للنفط كفنزويلا والمكسيك قبل عقد اجتماعات الدورة الرسمية لأوبك.
قرار شركة النفط السعودية المملوكة للدولة هذا الأسبوع بخفض السعر الذي تتقاضاه من المصافي الأمريكية مقابل النفط الخام اعتُبر كخطوة لدعم قاعدة عملائها في السوق؛ والتي تُمثل أكثر من 20% من الطلب على النفط الخام العالمي. وبالنسبة للصخر الزيتي فقد جذب معظم سوق التكرير المحلي بنفس معدل تكلفة النفط السعودي في الوقت الذي قفز فيه إنتاج النفط الخام الأمريكي لأعلى مستوياته خلال ثلاثين عامًا.
تكلفة أقل
وأعلن منتجو الصخر الزيتي عن نجاحهم في خفض التكاليف كدليل على أنه يمكنهم أن يحققوا أرباحًا في ظل هبوط السعر تحت 70 دولارًا للبرميل. وفي أكبر منطقتي إنتاج تابعتين لشركة «تشيسابيكي» – بنسلفانيا مارسيلو، وتشكيل إيجل فورد في تكساس – انخفضت التكلفة 11% و13%، على التوالي، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي مقارنة بـعام 2013م بحسب الشركة.
وصرح «ويليام توماس» – المدير والمدير التنفيذي لشركة «إي أوه جيريسورسز» أول أمس أن شركته يمكنها تحقيق أرباح في حال أن سعر النفط استقر في نهاية المطاف عند 40 دولار للبرميل في «إيجل فورد». وتنتج المنطقة 1.6 مليون برميل يوميًا، وهو نفس معدل ما تنتجه دولة قطر.
منتجو الولايات المتحدة سيضطرون تحت مزيد من الضغوط أن يُخفّضوا الإنفاق في حالة أن أسعار النفط الخام واصلت طريقها نحو الهبوط والاستقرار عند 70 دولارًا للبرميل أو أقل حتى عام 2015 بحسب ما ذكره تقرير «باركليز» أول أمس. وحتى مع التكلفة المنخفضة فإن الشركات التي اعتمدت على الديون لتمويل عمليات التنقيب سوف تواجه ضغوطًا أكبر مع ارتفاع أسعار الفائدة، وخفض الحصول على التمويل.
وستواجه نصف مصادر الصخر الزيتي الأمريكي تقريبًا تحديات في العام المقبل في حال استقرار الأسعار عند 70 دولار للبرميل؛ بحسب محللي «باركليز».
من جانبه؛ يرى «إيد هيرس» – المحاضر بجامعة هوستن ومدير شركة نفطية صغيرة – أن «جميعهم يخسرون. بإمكان السعودية أن تفرض انضباطًا على الأسواق يُخرج رجال الصخر الزيتي من العمل برمته».
نتائج مُختلفة
بعض الشركات المنقبة عن الصخر الزيتي في وضع جيّد لمقاومة أزمة الأسعار أكثر من غيرهم لسبب واحد بسيط: جميع الصخر الزيتي ليس بنفس الدرجة. الفروق الجيولوجية، واختلافات الضغط تحت الأرض، وحتى حجم المسامات المجهرية داخل الحجر جميعها عوامل تساعد في اكتشاف الصخر الزيتي أو تكسيره.
في تشكيل باكين – على سبيل المثال – المنتجون أصحاب الآبار المعروفون بـاسم «ناسون أنتكلاين» ينتجون بتكلفة أقل، ويجنون نفطًا خامًا أكثر من القطاعات الأخرى نتيجة لطبيعة النفط المضغوط بشدة ما يدفع آبارهم للتدفق. على العكس؛ فإن الضغط تحت الأرض في المناطق الشمالية من «باكين» يجعل تلك الآبار أكثر تكلفة، وأقل إنتاجية، وأكثر عرضة للخطر عندما تنخفض أسواق الطاقة.
وفي المتوسط، فإن منتجي الصخر الزيتي في «باكين» و«بيرميان» يريدون الأسعار عند 67 و65 دولارا، على التوالي؛ ليكون التنقيب جديرًا بالاهتمام؛ بحسب «آي تي إم» لأبحاث الاستثمار. ويوجد في الطرف الآخر «كانا ووفورد» في أوكلاهوما؛ حيث يحتاج المنتجون السعر مستقرًا عند 100 دولار للبرميل لتحقيق الأرباح، وتشكيل «أناداركو» على الحدود بين تكساس وأوكلاهوما يريد عتبة السعر عند 79 دولار.
الخبرة العاملة
أسعار منتجي الصخر الزيتي بحاجة لجعل الأرباح متنوعة أيضا اعتمادا على الخبرة العاملة في الحقول والآبار. وقد تحصل شركة «إي أوه جي ريسورسز» على نسبة عائد 10% في حقل «إيجل فورد» بتكساس في حالة أن سعر البترول 40 دولار للبرميل؛ بحسب ما صرحت به الشركة. أما شركة «رويال داتش شل»؛ والتي باعت الكثير من أسهمها في نفس المنطقة، فقد تربح فقط في حالة أن السعر فوق 122 دولارًا للبرميل؛ وفقا لتحليل المجموعة المتكاملة للتكنولوجيا (آي تي جي).
وقد أعرب المستثمرون عن ثقتهم المتدنية في قدرة مستكشفي الصخر الزيتي على الحفاظ على الأرباح في بيئة النفط الرخيص. وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة التي شهدت تراجع الأسعار فإن مؤشر مؤسسة «ستاندرد آند بورز لاكتشاف النفط والغاز» – الذي يضم ثمانية عشر عضوًا – فقد في المتوسط 19%، متراجعا بأكثر من 100 مليار دولار في القيمة السوقية.
وفقدت شركة «ديموندبك» للطاقة – منتج للنفط مقرها ميدلاند بتكساس – حوالي 25% من قيمتها منذ بلغ سعر الخام ذروته 107،73 دولار للبرميل، أما شركة «بيرميان» للتنقيب فتراجعت بنسبة 23%.
باكين
شركة «وايتنج» التي وافقت في يوليو/تموز على دفع 3,8 مليار دولار لشركة «كودياك أويل آند جاس» المنقّبة عن الصخر الزيتي قد تراجعت بنسبة 34% خلال تلك الفترة. صفقة «كودياك» ستجعل «وايتنج» أكبر منتج للنفط في تشكيل الصخر الزيتي في «باكين» بـ«نورث داكوتا»، ويرفع إنتاج «وايتنج» بنسبة 50% العام القادم.
ولمن يمارسون الأمر باحترافية؛ فإن التراجع في السعر من الممكن أن يكون منحة في حالة أن الشركات التي تعاني ضائقة مالية أُجبرت على بيع الأصول، ما يفتح الباب أمامهم لإعادة دعم مشروعات التنقيب الخاصة بهم.
وصرح «جيمس فولكر» للمحليين والمستثمرين خلال مؤتمر هاتفي 30 أكتوبر/تشرين الأول أن انخفاض الأسعار ليس شر محض للصناعة النفطية؛ مُضيفًا: «هذا التراجع بشكل خاص الذي وجدناه هنا – من خبرتي الطويلة لما عايشته – يوفر المزيد من الفرص في الوقت الذي يجلب فيه الألم».
وحتى الأن؛ لا يوجد دليل يشير إلى أن الشركات المنقّبة عن الصخر الزيتي قد ثبط انهيار السعر من عزيمتها. ارتفع معدل إنتاج النفط الخام الأمريكي لمدة 11 شهر متوالية، محققًا 8.9 مليون برميل يوميًا في الأسبوع قبل الأخير من أكتوبر/تشرين الأول بحسب المعلومات التي وردت إلى «بلومبيرج».
وصرح «هارولد هام» – الرئيس التنفيذي لشركة نورثيرن كونتايننتال ريسورسز – خلال مقابلة معه: «إنها النهضة؛ النهضة التي ستكون هنا لمدة 50 عامًا قادمة. وليس الأمر مجرد شيء يأتي ويغدوا».
(ترجمة وتحرير: الخليج الجديد / جو كارول وبرادلي أوسلون، بلومبيرج)