السعودية / نبأ – تأتي زيارة الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى السعودية بعد فترات توتر طويل بلغ أحيانا حد القطيعة بين الرياض وبغداد. وإذا كان الخطر المشترك على المملكة والعراق يفرض على الجانبين ديناميات تسووية في الحد الأدنى، فإن نقاط الخلاف التي لا يستهان بها يمكن أن تشكل عقبة جدية على طريق تدفئة العلاقات بين البلدين.
الرئيس العراقي فؤاد معصوم في المملكة السعودية، متسلحا بتشديد المرجع السيد علي السيستاني على ضرورة مد الجسور مع الجوار توجه الرجل إلى الرياض، توجه هو الأول من نوعه منذ سنوات. معطيات كثيرة تفرض على الطرفين إنهاء القطيعة بينهما، تنظيم داعش بات مسيطرا على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية، كما بات خطرا داهما لا يمكن تجاهله على الحدود السعودية، خطر تدرك المملكة جيدا أن علاقات متطورة مع العراقيين يمكن لها تخفيف حدته وتقليص مساحته. وهو ما تتطلع إليه كذلك المنظومة الحاكمة في العراق، بالنسبة إليها يصعب إن لم يكن يستحيل خفض مستويات التوتر المذهبي والشروع في عملية سياسية لا تستثني أحدا من دون المؤثرات الملكية، الأواصر المتقادمة بين الرياض وشخصيات عشائرية ذات نفوذ كبير في بلاد الرافدين تكشف المجال الواسع لتلك المؤثرات.
هذا ما يتوحد عليه الجانبان إذا، ضرورة التصدي للتنظيمات الإرهابية والحد من تمددها، ضرورة تبدو التراكمات التاريخية والنوايا السياسية عقبة جدية في طريق تلبيتها. بلا مواربة يتحدث العراق عن جارته الجنوبية، عشرات السنين من العداء المبطن والمعلن كانت كفيلة بشحن النفوس وإثارة النعرات وتهييج الخصومة، الآونة الأخيرة وحدها تمكنها تجلية الحنق العراقي على المملكة، إتهامات بالجملة والمفرق للنظام السعودي بدعم تنظيم داعش وتمويله، حديث واضح وصريح عن تورط الرياض في تأليب العشائر العراقية على الشرعية واستمالة بعض الشخصيات السياسية إلى جانبها، وامتعاض مبطن من انحصار العطايا الملكية في مساعدات محسوبة جيدا بدلا من مساعدة العراق على سداد ديونه، هكذا يلخص العراقيون سياسة المملكة السعودية تجاه بلادهم منذ استفحال الأزمة السورية، سياسة لا يفتأ التاريخان القديم والحديث خصوصا عقب العام ألفين وثلاثة يقدمان عليها الشواهد السياسية والإقتصادية والأمنية.