السعودية / نبأ – كتب أندرو جونسون تقريراً أشار فيه إلى أن مسقط رأس النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – في مكة على وشك «أن يختفي تحت الإسمنت والرخام» ليحل محله قصر ملكي ضخم.
وأشار الكاتب أن “هذه الخطوة تأتي ضمن مشروع تتجاوز قيمته مليارات الدولارات في إطار عمليات توسعة في الحرم المكي؛ والتي بدأت منذ أعوام، وأسفرت حتى الآن عن تدمير مئات المناطق الأثرية”.
ولفت إلى أنّ “المشروع الذي بدأ قبل سنوات عديدة يهدف إلى توسعة المسجد الحرام ليتسع لملايين الحجيج المسلمين الذي يفدون إليه كل عام لآداء فريضة الحج التي هي ركن من أركان الإسلام، تُؤدى مرة واحدة في العمر”… وأنّ “البنايات أحاطت البيت الحرام، وحيثما أراد المسلمون في أي مكان الصلاة توجهوا إليه”.
وتابع: “يقف العديد يراقبون في ذعرٍ واستغراب واستهجان تدمير مئات المباني التاريخية والأثرية لإفساح الطريق أمام عمليات توسعة للبيت الحرام”.
وبحسب مؤسسة «الخليج» التي تتخذ من واشنطن مقرًا لها فإن حوالي “95% من المباني والمناطق الأثرية التي تعود لآلاف السنين تم تدميرها، وحلت فنادق ومراكز تسوق محلها”.
وذكر الدكتور «عرفان علاوي» – من مؤسسة أبحاث التُراث الإسلامي في لندن – أنه في الأسبوع الماضي تم هدم أعمدة يعود بناؤها إلى 500 سنة بُنيت خلال العصر العثماني لتخليد ذكرى الإسراء والمعراج، وتابع «علاوي» إن البيت الذي شهد ميلاد الرسول في عام 570م لن تُشرق عليه شمس العام القادم، بحسب ما جاء في تقرير جونسون.
وقال الكاتب أنّ “القصر الملكي الجديد سيتم بناؤه للملك عبدالله بن عبدالعزيز – الخادم الرسمي للمسجد الحرام – ليكون مستقره عند زيارته مكة”.
خطط الإنشاء – التي حصلت «الإندبندنت» على نسخة منها – تشمل المكان المتعارف عليه بأنه موضع مولد النبي محمد؛ والذي تمّ إغلاقه مُؤخرًا أمام الحجيج.
وتحققت الصحيفة من تلك الخطط من مصادر مستقلة أكدت أن “هناك انتقادات كثيرة لعملية الإنشاء لكنها مُتخوّفةً من الكلام علانية تجنّبًا للاستهداف من النظام”.
ولفت إلى ان الحكم في السعودية ويتولى مقاليده “نسخة وهابية متشددة تُحرّم «تقديس» الأماكن وتعتبره ضربًا من ضروب الشرك”.
وأشار الكاتب إلى أن مفتي المملكة «الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ» “دافع مُؤخرًا عن هدم هذه المواقع”، وبحسب قناة «برس» التلفزيونية الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية فإن المفتي قال إن عمليات الهدم كانت ضرورية، وعلى الأمة أن تشكر الحكومة السعودية لسعيها زيادة القدرة الاستيعابية للمسجد الحرا بحسب ما جاء في التقرير.
وأشار إلى أنّ “غُرف البيت الذي وُلد فيه النبي محمد تُوجد حاليًا تحت الأرض، وفي عام 1951م تمّ إنشاء مكتبة فوق هذا البيت للحفاظ عليه بكل معالمه. كل هذه المعالم كانت مفتوحة للزيارة لكنها أُغلقت مُؤخرًا . وحذّرت السلطات السعودية زائري الحرم من الصلاة في هذا الموقع، مشيرة إلى أنه لا يوجد دليل قاطع على ولادة النبي في هذا الموقع وجاء نص بيان السلطات: «ليس هناك من دليلٍ قاطع على مولد النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – في هذا الموقع، ومن ثمّ يحرم تخصيص هذا المكان للصلاة أو للدعاء أو للحصول على البركة»”.
وفي حديثه مع «الإندبندنت» قال الدكتور علاوي – “أحد الأصوات القليلة التي تنتقد عمليات الهدم – إن الشرطة تم وضعها خارج المكتبة لتمنع التسوق، مُضيفًا: «مكان ولادة النبي عاد يحدق به الخطر من جديد؛ حيث ما هي إلا فترة وجيزة وسيختفي للأبد تحت الإسمنت والرخام»”.
«والآن انتهى موسم الحج للعام الجاري، وبدأت أعمال الإنشاء المتواصلة على مدار الأربع وعشرين ساعة. لقد انتهوا من التوسع على جانب واحد من المسجد. القصر الملكي – والذي سيكون أكبر خمس مراتٍ من القصر الحالي – سيُبنى على جانب أجد الجبال ليطل على المسجد».
«بين اليوم الذي نحن فيه وديسمبر ستختفي المكتبة، وسيُدفن البيت الذي وُلد فيه النبي على الأرجح تحت أعمال الإنشاء المتسارعة، لقد أصبح أمرًا يتعذر اجتنابه. سيكونُ تاريخًا، كل شيء سيختفي ويُنسى، نحن نصرخ: دعنا نحفر هذا البيت ونحفظ تلك الغُرف الموجودة هناك».
المقال الذي كشف عن المطالب بإزالة المكان جاء في وثيقة تشاور مكونة من 61 صفحة مسببًا انتقادًا شديدًا في الشرق الأوسط ما دفع السلطات السعودية لإنكار الأمر ممتنعة عن التعليق على أي أعمال إنشاء في تلك البقاع التي يُنظر إليها المسلمون على أنها جزءٌ من تراثهم الإسلامي.
تفاصيل تلك الخطة التي تم الحصول عليها من الأكاديمي السعودي الدكتور «علي بن عبدالعزيز آل شبل» من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض قُدّمت إلى لجنة رئاسة المسجدين – الحرام والنبوي. صفحات عديدة من وثيقة التشاور نُشرت في مجلة الرئاسة، بحسب الصحيفة.
وسعت «الإندبندنت» البريطانية للتواصل مع السلطات السعودية للحصول على تعليق لكنها لم تلقَ ردًا.
وتجدر الإشارة إلى السلطات السعودية قالت في تصريح سابق: «تطوير المسجد الحرام في مكة المكرمة هو أمرٌ هام للغاية تأخذه السعودية المُكلّفة برعاية البيت الحرام والمسجد النبوي والإشراف عليهما بمحمل الجد. هذا الدور في القلب من الأهداف التي قامت لأجلها المملكة العربية السعودية».