السعودية / شؤون خليجية – اعترف جون بيركنز – المجند السابق من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية ومؤلف كتاب “اعترافات قاتل اقتصادي” بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعرف أن الأسرة الحاكمة فى المملكة السعودية قد تفشى فيها الفساد ومن الممكن استمالتهم من خلال “الرشوة” وذلك حتى تتخلص أمريكا من الحظر النفطي ضدها الذي استخدمته المملكة في حرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل وذلك بالسطيرة على الأوبك.
وأوضح أنه تم إرساله لهذا الغرض إلى السعودية مشيرا إلى أنه تصرف وفق الخطة المجربة وأن أمريكا قدمت للسعودية خطة لتطوير الطاقة الكهربائية وكانت عدة شركات تطمح للفوز إلا أن أمريكا كانت واثقة أن شركتها هي التى ستفوز.
وقال: “كانوا يدركون جيدا أن شركتنا ستسعى فى الميدان السياسي لخدمة المصالح الأمريكية وقد فزنا طبعا بهذا العقد وكان هذا مشروعا هائلا.. ورغم أني لا اتذكر المبلغ الذي قدرت به قيمة العقد بدقة إلا أن دراسة المشروع فقط قدرت بملايين الدولارات”.
وعن كيفة اقناع الأسرة الحاكمة بالتعاقد مع أمريكا قال “بيركنز”: إنه فى ذلك الوقت كان يترأس بضع عشرات الأشخاص فى إدارته فأرسل ثلاثة منهم فى جولة شملت السعودية كلها, وكانوا على دراية بدراسة البنية التحتية لأي مجتمعات غريبة وبمن يتصلون للحصول على المعلومات المطلوبة”.
وتابع: “أما أنا فالتقيت بالسعوديين مرارا قبل توقيت العقد لاقنعهم بأن يوقعوا العقد معنا نحن بالذات وبالإضافة إلى ذلك وبحسب مخططاتنا أن نقنعهم ببيع النفط السعودي مقابل الدولار الأمريكي فقط, وكان ذلك مهما جدا لأن الرئيس ريتشارد نيكسون وسكرتير الخزانة الأمريكية جون كونالي أوقفا سريان المعيار الذهبي للدولار, وكان ذلك يعني أن الدولار الأمريكي أصبح حينها فى وضع محفوف بالمخاطر لاحتمال فقدانه لقيمته بشكل مضطرب لذلك كان التعامل بالدولار فى المسائل التجارية الضخمة مع السعودية يعني إنقاذا لوضع الدولار لذلك كنا نصر على التعامل بالدولار فقط, وتمسكنا بأن السعر ينبغي ان يكون مقبولا لشركاتنا النفطية”.
وأكدا “بيركنز” أن أمريكا كانت تملي شروطها ولذلك اقترحت أن على السعوديين ألا يسمحوا بتكرار الحظر النفطي مقابل أن تتعهد الولايات المتحدة بحماية الأسرة المالكة ونبذل كل ما في وسعنا لكي تبقى فى الحكم أطول فترة ممكنة فى حال حافظ ملوك السعودية على التعهد المتفق عليه مشيرا إلى أن أمريكا وفت بالعهد وتدخلت عندما اجتاح صدام حسين الكويت وراح يهدد العائلات المالكة فى دول الخليج.
وأشار إلى أن السعودية اصبحت طوق نجاه للاقتصاد الأمريكي وتعهدت بأن تسدد أي عجز فى النفط يمس الولايات المتحدة وهو ما يعرفه الدول الأعضاء فى الاوبك ولذلك لم تحاول حتى فرض أي حظر بعد ذلك لعلمها بموقف السعودية وإدراكها أنه لا جدوى فى الأمر إطلاقا.
وعن اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود قال “بيركنز”: ليس لدي معلومات حول مقتل الملك فيصل لكنه كغيره من زعماء الدول الغنية بالنفط كان أمامه خياران إما اللعب حسب القواعد التي تريدها الولايات المتحدة وإما زواله بطريقة أو بأخرى, وكان لا يمكن عزله بنشر شائعات حول مغامراته العاطفية وربما وقع الاختيار على الاغتيال كوسيلة للتخلص منه.
ولفت إلى أن التعامل مع الأسرة الحاكمة كان صعبا جدا, مشيرا إلى أن الصفقة السابق ذكرها, كلفته جهدا كبيرا حيث كان لابد من اقناع جميع أمراء العائلة وكان التعامل معهم صعبا لأنهم كانوا يسمونه “الكلب الكافر” بحسب أحد الوزراء هناك, مشيرا إلى أن هذا الأمر كان مهينا والمباحثات كانت مهينة وفى كل الأحوال كان عليه تسوية الأمور معهم.
وأضاف: “بالطبع كان على أن اتعرض لمواقف كريهة للغاية وكانوا يطلقون علينا شتى الأسماء المسيئة وكان بعضهم سيئ الطباع وكريهي الأخلاق, وكانوا يسألوننا فى استعلاء ولماذا ينبغي أن نتعامل معكم.. وفى النهاية كانوا يوافقون على الصفقات لانها مربحة لأسرتهم إلى حد كبير”.
يشار إلى أن الأوبك استغلت فى السبعينيات قدرتها ومنعت النفط عن أمريكا لسياستها مع إسرائيل, ولتلافي تكرار هذا الموقف في المستقبل فكر الأمريكيون في السيطرة علي السعودية لأن السيطرة علي السعودية تضمن السيطرة علي الأوبك.