السعودية / نبأ – كتبت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريراً بعنوان “لماذا تتردد أوبك لخفض إنتاج النفط؟”، ذكرت فيه أن “منذ ستّ سنوات، لم تتعد الاجتماعية النصف سنوية لمنظمة الدول المصدّرة للبترول (أوبك) في فيينا سوى مجامع تقليدية يخرج منها الأعضاء الـ 12 بنتيجة ثابتة: السوق مزوّد بشكل جيّد وسعر الذهب الأسود مناسب لمصالح المنتجين والمستهلكين. مع سعر البرميل المترواح بين 100 و120 دولارًا بين أواخر 2010 ونصف 2014، جنت الدول المنتجة للنفط عائدات مريحة والاقتصاد الغربي الأقلّ اعتمادًا على النفط تعايش معها”.
ولفتت إلى أنّ “في نحو 6 أشهر، قُلبت المعطيات: تراجعت الأسعار بنسبة 30 % لتنخفض إلى أقلّ من 80 دولارًا”.
وأشارت الصحيفة أن “خلال قمّة المنظمة، المنعقدة يوم الخميس 27 نوفمبر في فيينا، تشهد على القطيعة مع المناخ شبه التوافقي الّذي ساد بين أعضائها”.
وتسائلت: “ماذا ستفعل الأوبك؟ ربّما لا شيء إذا ما تمّ تصديق وزير النفط السعودي علي النعيمي الرجل القوي في المنظمة الّذي قال بأنّ “سوق النفط ستستقرّ في نهاية المطاف”؟”.
وتحت عنوان إعادة توزيع الأوراق ذكّرت الصحيفة بما حدث في 1986، بأنّ السعوديون “وحدهم من دعموا خفض الإنتاج لدعم الأسعار، ترك السعوديون الأمر كما هو وتراجعت الأسعار لتسقط لأقل من 10 دولار للبرميل. إلى أن قرّرت الأوبك في أغسطس 1986، خفض الإنتاج لرفع الأسعار. السيناريو نفسه حدث بين 1998 و1999 بعد الأزمة الآسيوية. خفّضت المنظمة إنتاجها ليومي بـ 4.3 مليون برميل لتصدّ تراجع البرميل إلى أقل من 12 دولارًا. وقد نجحت هذه المرّة أيضًا”.
هذه البديهية تمّ التأكّد من صحتها في وهران (الجزائر) في 17 ديسمبر 2008، بعد ثلاثة أشهر من إفلاس بنك Lehman Brothers وبداية الأزمة الاقتصادية العالمية، بحسب “لوموند” افرنسية، وذكّرت أنّ “خلال الصيف السابق، بلغ سعر البرميل ذروة تاريخية بـ 147 دولارًا وبعد ستّة أشهر تراجع إلى 35 دولارًا. قرّرت الأوبك آنذاك سحب 2.2 مليون برميل من السوق بالإضافة إلى تخفيضات أخرى. في المجمل خفّضت إنتاجها إلى 4.8 مليون برميل خلال بضعة أشهر وتراجعت الحصة إلى 24.8 مليون برميل ممّا أدّى إلى الارتفاع التدريجي في الأسعار لتصل إلى 100 دولار”.
وتابعت: “اليوم، تمّت إعادة توزيع الأوراق والدول الأعضاء في الأوبك ـ على رأسها العربية السعودية ـ تواجه أكثر من أي وقت مضى منافسة مع الدول غير الأعضاء في الأوبك. المنتج الثاني للنفط عالميا، روسيا لا تسعى إلى خفض إنتاجها معتبرة أن خفض الأسعار يمسّ الدول حيث تكاليف الاستخراج عالية، خاصّة الولايات المتّحدة. حتّى الساعة، هذا الانهيار في سعر البرميل خفّض كثيرًا من العائدات المالية لموسكو؛ إذ أعلنت الشركة العمومية Rosneft يوم الثلاثاء أن خفض إنتاجها اليومي بـ 25 ألف برميل، قطرة بترول مقارنة بالـ 4.1 مليون برميل الّتي تستخرجها يوميًا. الولايات المتّحدة الأمريكية ـ ذات الإنتاج (9 مليون برميل) القريب من الروس والسعوديين ـ لا تنوي خفض إنتاج الزيت الصخري في تكساس أو داكوتا اللتين تعزّزان الأمن الطاقي. “خلال سنتين، خلق الأمريكيون نرويج الثانية”، حسب أبار”.
وتحت عنوان فرعي “الرياض لديها الوقت للعودة”، بيّنت الصحيفة أنّ “تلاحظ الأوبك بقلق أنّ حصتها من سوق النفط العالمي تتراجع: سقط إلى 42% في 2008 وإلى نحو 35% في 2014. وتكافح المنظمة للحفاظ عليها، خاصة العربية السعودية الّتي تسيطر من 12% من الاحتياطي العالمي من الذهب الأسود ولا تريد أن تتحمّل بمفردها ثقل خفض الإنتاج والّتي ذهبت إلى حدّ منح تخفيضات لشركات التكرير الآسيوية والأوروبية والأمريكية. وبعد سنوات من الأسعار المرتفعة، حصلت الرياض على احتياطات ضخمة من العملة الأجنبية ولديها الوقت للعودة، مثل سائر مملكات النفط في الخليج العربي الفارسي. وتشير العديد من المصادر إلى أنّ المملكة الوهابية لن تتحرّك طالما أنّ سعر البرميل لم يبلغ الـ 70 دولاراً”.
وأوضحت أنّ “ليس كلّ دول الأوبك تتمتعّ بجيوب عميقة كهذه ولئن يجب أن يكون معدّل سعر البرميل 105 دولار لتحقيق توازن ميزانياتهم، حسب الشركة العربية للاستثمارات البترولية، فإنّ هذا الـ « breakeven » المالي يبلغ 90 دولارًا بالنسبة للعربية والسعودية ولكن 160 دولارًا لفنزويلا. ومن هنا نفهم أنّ في هذه الظروف، لم يحضر ممثلو الدول لفيينا للأهداف ذاتها. “سوق النفط يشهد فائضًا، وهذه الوضعية ستتعقّد في السنة القادمة وعلى الأوبك أنّ تردّ بدعم المنتجين غير الأعضاء في المنظمة”، حسب وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنكنه”.
وأشارت إلى أنّ “هناك عامل آخر للانقسام وسط الأوبك: الصعوبات المؤخرة الّتي يواجهها عدد من أعضائها؛ إذ إن إيران والعراق وليبيا لم يجدوا مستواهم الأمثل للإنتاج بعد أن بلغ 10 مليون برميل يوميًا في ذروته تراجع إلى أقلّ من 7 مليون حسب وكالة بلومبرغ. وفي حالة خفض الإنتاج أو المطالبة بجهد للعودة من 30.6 مليون إلى 30 مليون برميل، الحصة الرسمية، ستعفى هذه الدول الثلاث من الجهد”.
وإستخلصت الصحيفة تقريرها بأنّ الأوبك تدخلت نحو 50 مرّة في السوق خلال 30 عامًا، “22 مرّة لخفض الأسعار و27 مرّة لرفعها، حسب المعهد الفرنسي للنفط، الطاقات الجديدة. وبالنسبة لـ أبار، دروس الماضي تؤكّد أن إذا ما لم تتحرّك المنظمة خلال اجتماعها في فيينا، “ستضطرّ للقيام بأي ردّة فعل خلال الأشهر القادمة”، وسيستمرّ تراجع الأسعار حتى الصيف حسب وكالة الطاقة الدولية”.