قطر / نبأ – ثمة ثلاث علامات بارزة مميزة لمعسكر التدريب القطري لما يُسمى بالمعارضة السورية المعتدلة، سريته وتواضعه وإقامته في قطر دون غيرها، سمات تحمل الكثير من أمارات التشابه بل التماهي مع المصالح الأمريكية. في الإطار المكاني يظهر أن واشنطن آثرت إمارة الغاز على غيرها من الممالك والجمهوريات، إقامة معسكرات ولو متواضعة في تركيا يستدعي أثمانا سياسية لا تنفك أنقرة ترفع سقفها يوما بعد يوم، والإلتجاء إلى السعودية دونه عقبات متعددة ومتنوعة ليس أقلها فتاوى الجناح الداعشي في المملكة، وفي الأردن تعقيدات ومخاطر قد تعرض المصالح الحيوية الإسرائيلية لتهديد جدي، وحدها الدوحة يمكنها رفع الحمل من دون ارتدادات أو آثار جانبية، دولة قطر عضو في التحالف الدولي ضد داعش، حكامها على صلة بأغلب الفصائل المقاتلة في سوريا، سياساتها مائلة نحو المرونة والبراغماتية والتسويف الدبلوماسي دائما، وتركيبتها لا تحمل كما هائلا من التناقضات كما هو حال شقيقتها السعودية، من هنا وقع اختيار واشنطن عليها.
إختيار لم يتجاوز حتى الآن حدود المناورة والتكتيك، تتحسب الإدارة الأمريكية لاحتمالات التسوية جيدا، بتعبير آخر، يريد البيت الأبيض حفظ خط الرجعة والمرابطة على حدود التصعيد دون الوقوع فيه، تدريب وتسليح محدودان ومحسوبان مليا لأعداد ضئيلة من المقاتلين ورقة رابحة في هذه اللعبة، ورقة يمكن التلويح بها دائما كأحد أسلحة الضغط وابتزاز الخصوم من خلالها، تماما كما يمكن إحراقها أنى حانت ساعة الحديث السياسي والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وللأسباب الإستراتيجية عينها تطغى السرية على برنامج التدريب القطري الأمريكي، إشهار الأمر من شأنه الدفع نحو مزيد من التصعيد والتأزم، ضيق التنفيذ وانغلاقه واتساع التواصف وامتداده كفيلان وحدهما بتهدئة الموقف من دون طمأنة الأعداء، هكذا تنفذ واشنطن استراتيجية التذبذب والإرضاء والإستنزاف والإمتصاص، تشغل كارتيلاتها العسكرية، تطيل أمد الحرب، تحجم عن الحسم، تستبقي ود الحلفاء، وتناكف المشاغبين، إستراتيجية خماسية يبدو أنها ستنعكس إن عاجلا أم آجلا على الداخل الأمريكي، إستقالة وزير الدفاع تشاك هاغل من منصبه نموذج من تلك الإنعكاسات التي قد تتجاوز حدود ما كان متصورا.