من وراء الأبواب المغلقة: المرأة تقود ثورة في المملكة العربية السعودية

السعودية / هافينغتون بوست – منحت مراسلة سي بي إس نيوز، هولي ويليامز، فرصة نادرة للوصول إلى واحدة من أكثر الممالك المغلقة في العالم. وفي المقال أدناه، تصف ويليامز تحولًا ملحوظًا في القيود على ما يخص تعليم المرأة ووضع النساء في المملكة العربية السعودية.

في حرم جامعة عفت، تسير الطالبات في الممرات، ويرتشفن الكابتشينو، ويرتدين ملابس الجينز، وأحذية الرياضة، والقمصان، كما تفعل طالبات الجامعات والمعاهد حول العالم عادة.

وعفت، هي مؤسسة للنساء فقط، تحولت خلال 15 عامًا منذ تأسيسها من معهد صغير لإعداد المعلمين، إلى إحدى الجامعات المعترف بها دوليًا، والتي تستقطب أعضاء هيئة تدريس من مختلف أنحاء العالم، وتعلم ما يقرب من 3000 طالبة، وتخرج المهندسات، والمعماريات، وحتى صانعات الأفلام.

وفي رحلتي الأخيرة إلى عفت، وبينما كنت في مهمة لشبكة سي بي إس نيوز، قالت لي إحدى طالبات الهندسة المدنية إنها وزميلاتها سوف “يغزون أماكن العمل” عندما يتخرجن في يونيو/حزيران. وبدورها، قالت عميدة الدراسات العليا: “إن المستقبل مفتوح لهن”، وأضافت: “إنهن يعتقدن أنه يمكنهن الوصول إلى السماء”.

وفي حين أن هذه القصة سوف تكون ملهمة جدًا في أي مكان تقريبًا من العالم، إلا أن ما يجعلها قصة مدهشة هو أن جامعة عفت موجودة في المملكة العربية السعودية، البلد الذي لا يزال يمنع النساء من قيادة السيارة، ويطلب منهن إذن أحد أقاربهن الذكور لكي يستطعن العمل، وحتى للذهاب إلى الجامعة، أو السفر إلى الخارج.

وعندما تنظر وسائل الإعلام الغربية إلى النساء في المملكة العربية السعودية، فإنها تميل إلى التركيز على المشاكل، والقيود، والانتهاكات. وهذا ليس أمرًا مستغربًا جدًا؛ حيث إن نظام الوصاية الذكوري في المملكة المحافظة يعني أن النساء السعوديات لا يعاملن أبدًا كمواطنين كاملين في بلدهم. وهذا يتسبب في خليط من الاشمئزاز والتعاطف لدى الكثيرين في الغرب.

ولكن، ما يجري تجاهله حقًا هنا هو التحول المذهل. فوراء الأبواب المغلقة للمدارس وفي داخل الحرم الجامعي، هناك ثورة يقودها التعليم تتكشف الآن، وهي الثورة التي يمكنها أن تحدد مستقبل البلاد. المرأة السعودية تتخرج من الجامعة الآن بأعداد أعلى من الرجال، والحكومة تشجعهن بنشاط على الانضمام إلى القوى العاملة.

وسيكون من السابق لأوانه أن نشير إلى أن النجاح التعليمي قد أدى إلى تغيير سياسي؛ حيث إنه، وخارج الفصول الدراسية، لا يزال الإصلاح جامدًا. وقد أدى نظام ولاية الرجل إلى ظلم رهيب، بما في ذلك زواج الأطفال. كما أن الحظر المفروض على القيادة أدى إلى تقييد المرأة، ولا سيما المرأة السعودية الأكثر فقرًا، التي لا تستطيع تحمل نفقات سيارة خاصة يقودها سائق كما تفعل النساء من الطبقة المتوسطة والغنية. والمرأة لا تزال تواجه أيضًا صعوبات في العثور على عمل، وذلك جزئيًا بسبب اللوائح القاسية التي تتطلب الفصل بين الجنسين في أماكن العمل.

ولكن، حتى النساء اللواتي يضغطن من أجل التغيير يعترفن بوجود قفزات عملاقة تجري الآن، وبالآفاق التي قد تفتحها هذه القفزات.

مديحة العجروش، شاركت في احتجاجات قيادة النساء للسيارة منذ عام 1990. إنها نجم لعدد لا يحصى من أشرطة الفيديو على يوتيوب التي تظهرها تقود سيارتها بطريقة غير مشروعة، وغالبًا بفرح، في شوارع العاصمة السعودية. و”السيارة”، كما أوضحت العجروش، “أصبحت رمزًا لرغبة أصواتنا في أن تسمع، وحاجاتنا في أن تتحقق”.

والعجروش، هي طبيبة نفسية تعلمت في أمريكا. ولكن، وخلال شربنا معها القهوة بنكهة الهيل في بيتها في الرياض، قالت العجروش لي، والدموع في عينيها، إن “والدتها كانت أمية”. وهذه أبعد ما تكون عن كونها قصة غير عادية. ففي عام 1970، كان هناك فقط 2 في المئة من النساء السعوديات اللواتي يمكنهن القراءة والكتابة. والآن هذا الرقم هو حوالي 80 في المئة، ويعد تعليم المرأة على نطاق واسع كأمر جيد جدًا.

وفي بلدة صغيرة بالقرب من الحدود السعودية مع العراق، التقيت مع موسى عبد الله، وهو مزارع من البدو يعمل أيضًا بمثابة شرطي. وبينما سرنا عبر الصحراء لرؤية مخيم عائلته التقليدي، قال لي بفخر إنه “يريد أن تذهب بناته الثلاث إلى الجامعة”، وقال مع ابتسامة على وجهه: “التطور أمر جميل”.

ويأتي الضغط من أجل تعليم وتثقيف النساء والفتيات في جزء كبير من المملكة العربية السعودية من قبل الملك عبد الله. وفي جامعة عفت، أي طالبة في ضائقة مالية ولكنها تلبي المعايير الأكاديمية التي تصفها أستاذة بأنها “منخفضة جدًا”، تحصل على تعليم مجاني، كمكافئة من النظام الملكي. كما أن النساء يفزن أيضًا بجزء كبير من المنح الدراسية التي يقدمها الملك عبد الله، وهو برنامج بمليارات الدولارات أرسل مئات الآلاف من السعوديين للدراسة في الخارج منذ عام 2005.

إذًا، ما الذي يحاول الملك تحقيقه هنا؟ كملك مطلق، ليس هو بمضطر إلى التفسير، ولا يمكننا نحن إلا أن نقوم بالتخمين. ولكن، لا بد أنه يعلم أن التعليم يمكن أن يكون أداة تغيير. وبما أنه هو من يقوم بهذا الإصلاح، فإن هذا الشيء قد يكون في صالحه.

الملك وعائلته يعتمدون على دعم المؤسسة الإسلامية المحافظة في المملكة العربية السعودية للبقاء في السلطة. وقد أدى التغيير من الأعلى إلى الأسفل دائمًا إلى رد فعل عنيف من قبل رجال الدين المسلمين المتشددين ومؤيديهم. وعندما افتتحت أولى مدارس البنات في الخمسينيات والستينيات، أدى ذلك إلى خروج المحافظين المتدينين إلى الشوارع محتجين.

ولكن، إذا ما كان التغيير يأتي من داخل المجتمع، ويطالب به المجتمع، فهو أقل احتمالًا للتعرض لرد فعل عنيف.

من الصعب تصور أن النساء اللواتي التقيت بهن في جامعة عفت سوف يقبلن بالقيود المفروضة على أمهاتهن. كما أنه ليس من الوارد أن مئات الآلاف من السعوديين الذين يدرسون حاليًا في الخارج، رجالًا ونساء، سيكونون راضين عن الوضع الراهن.

“الصبر” كان تقريبًا شعار كل من تحدثت معهم في الحكومة السعودية خلال رحلتي الأخيرة لمدة أسبوعين إلى المملكة. وقالت هدى عبد الرحمن الهيلاسي، وهي امرأة عضوة في مجلس الشورى الذي يقدم المشورة للملك: “الناس بحاجة إلى أن يكونوا جاهزين للإصلاح”، وأضافت: “لا يمكننا دفع التغيير إذا كنا نريد له أن ينجح، وإذا كنا نريد أن يبقى على المدى الطويل”.

*هولي ويليامز 
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة التقرير