السعودية / متابعات – كغيرها من الصحف العالمية، اهتمت الجرائد الفرنسية بخبر الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة ببراءة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، ونجليه، ووزير داخليته حبيب العادلي، ومساعديه من تهمتي قتل الثوار والفساد المالي.
صحيفة (آي 24 نيوز) الإسرائيلية في نسختها الفرنسية، احتفت بالخبر وأبرزته على أنه تبرئة لساحة مبارك من التهم الموجهة إليه، وإعادة الاعتبار إليه بعد أكثر من ثلاث سنوات في السجن، كما أبرزت تلقيه التهاني من أنصاره وحلفائه في الداخل والخارج.
أما صحيفة (لكسبريس) الفرنسية فاهتمت بتظاهرات الشباب المصري الغاضب من الحكم، والتي خرجت بعفوية في محيط ميدان التحرير، لرفض تبرئة مبارك، وللمطالبة بالقصاص لآلاف الشهداء الذين ارتقوا منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم، إلا أن تلك المظاهرات قوبلت بعنف من قوات الجيش والشرطة التي أغلقت الميدان.
وأشارت الصخيفة إلى أن مبارك كان قد حكم عليه في يونيو 2012 بالسجن المؤبد، إلا أنه أعيدت محاكمته مرة أخرى لأسباب فنية، لينال براءته من قتل آلاف المصريين.
الدور السعودي
صحيفة "هافينجتون بوست" نشرت مقالًا للمؤرخ والصحفي الفرنسي "الكسندر ادلر" تحت عنوان "ما هو مستقبل الشرق الأوسط"، أشار فيه إلى الدور السعوي البارز في الأحداث الكبرى التي تجري في الدول التي شهد ثورات الربيع العربي، وخاصة مصر، حين ساندت الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب د. محمد مرسي، وقامت بدعم الجيش المصري وقائده الجنرال عبد الفتاح السيسي.
وفسر الكاتب سر هذا الموقف السعودي بأن نظام حكم آل سعود يخشى من نجاح تجربة الإخوان المسلمين في الحكم، مخافة أن تنتقل عدوى هذا النجاح إلى الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر وحتى الخليج العربي، لذلك عملت على إفشال هذا النموذج وإنقاذ النظام المصري القديم برئاسة حسني مبارك، الذي يسير على نفس خط السياسة السعودية وتبعيتها للولايات المتحدة والغرب.
مليارات الدولارات
صحيفة معاريف العبرية ذهبت إلى مدى أبعد في كشف أبعاد الدور السعودي في العمل على إصدار حكم ببراءة مبارك وإخراجه من السجن، وقالت إن السعودية لعبت دورًا مهمَا من وراء الكواليس من أجل الإفراج عن مبارك، وأن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، عرض على الحكومات المصرية المتعاقبة دفع منحة سخية تقدر بمليارات الدولارات في مقابل الإفراج عن حليفه حسني مبارك.
وكتبت الصحيفة أن إسرائيل والمملكة العربية السعودية، هما فقط من أحبا مبارك وعملا على إنقاذه من أزمته، وهما الدولتان اللتان أسعدهما قرار الإفراج عنه، فهما على وجه الخصوص، ترحما على عهده الذي استمر 30 عامًا، حافظ خلاله على مصالحهما بشكل كبير.
ما ذكرته صحيفة معاريف من تعهد الملك السعودي بتقديم تلك المليارات، والذي لا يسأله أحد من شعبه عن طريقة إنفاقها، كان قد ظهر على بعض تصريحات قيادات الإخوان المسلمين، ومنهم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان، من أن السعودية عرضت دفع 4 مليارات دولار مقابل الإفراج عن مبارك، كما ظهر هذا الأمر في مشادة كلامية بين القيادي بالإخوان د. عصام العريان، مع عمرو موسى أحد رموز نظام مبارك، حين طلب العريان من موسى أن يبلغ من وراءه برفض طلب الإفراج عن مبارك مهما كان حجم المغريات والتهديدات.
ما يؤكد هذه المعلومة أكثر هو ما ظهر في تسجيل صوتي لمبارك نفسه مع أحد أطباء المستشفى الذي كان يقيم فيه، ونشرته إحدى الصحف المصرية الخاصة، وقال فيه مبارك: "نعم السعودية عرضت على المشير طنطاوى 6 مليارات دولار مقابل الخروج من السجن"، مشيرًا إلى موقف مماثل للمسؤولين في الإمارات.
بين الإخوان والسيسي
وأكدت الصحيفة أنه لو كان الإخوان يحكمون مصر حتى اليوم، ما رأى مبارك النور ولظل في السجن حتى يوم وفاته، ولكن أبناء نظام السيسي الذين خدم معظمهم خلال عصر مبارك وتمت ترقيتهم فى عهده، وهم يدينون بالولاء له حتى الآن.
وتوقعت الصحيفة بعد كل هذا أن يبدأ مبارك فى تصفية حساباته مع كل من خانوه، وتوقعت ألا يلتزم الصمت، فكل من عاصره عن قرب يعرف ذلك جيدًا، وأشارت إلى أنه سيجد حتمًا الطريقة التي من خلالها يستطيع فعل ذلك.
كما كشفت صحيفة "الديار" اللبنانية أن مبارك قام بإرسال رسالة إلى العاهل السعودي، قال فيها إنه شارف على نهاية حياته، وأنه يأمل في النخوة العربية بأن ينقذه الملك عبد الله مما هو فيه، وينقله إلى السعودية حتى ينهى حياته بها وأن يحيا حياة كريمة. ثم قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز العاهل السعودي، بإرسال رسالة إلى الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، يطلب منه إصدار عفو عن الرئيس المخلوع، بشرط ألا يشتغل مبارك وأولاده في السياسة طيلة فترة وجود الرئيس محمد مرسي في الحكم، لكن الرئيس مرسي لم يوافق على طلبه.
البحرين والكويت
في أواخر ديسمبر 2011 إبان حكم المجلس العسكري، قام ملك البحرين حمد بن عيسى بزيارة حسني مبارك في الجناح المحبوس فيه احتياطيًا بالمركز الطبي العالمي، وكان من المقرر ان تفتح هذه الزيارة الباب أمام زيارات مماثلة من عدد من الأمراء الخليجيين، إلا أنها أثارت غضب المصرين وسببت صداعًا في رأس المشير طنطاوي وقتها.
كما كان ملك البحرين من أوائل المهنئين لمبارك بعد إصدار الحكم ببراءته في التاسع والعشرين من نوفمبر 2014.
أما عن الجهود الكويتية في الإفراج عن مبارك فكان لها نوع من التميز، حيث تقدم فريق قانوني كويتي مكون من خمسة محامين للانضمام إلى فريق الدفاع عن مبارك أمام محكمة جنايات القاهرة منذ سبتمبر 2011، وشارك ذلك الفريق في كل الجلسات منذ ذلك الوقت وحتى إصدار حكم البراءة.
جهود السعودية ودول الخليج المالية والقانونية والإعلامية وحتى الضغوط السياسية للإفراج عن مبارك وإعادة نظامه إلى الحياة مرة أخرى، حتى أنها قامت بتقديم دعم مالي لنظام السيسي بأكثر من 20 مليار دولار، كل ذلك كان من أجل إجهاض ثورة شعبية تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وحتى لا تنتقل عدوى هذه الثورة إلى ممالك النفط العربي، حيث لا حرية ولا عدالة ولا كرامة تتمع بها جماهير هذه الممالك، بل يتم التعامل معهم كرعية عليهم الولاء والطاعة للحاكم الذي لا يسأل عما يفعل من قبل أحد من شعبه.
ترجمة وعرض: محمد بدوي
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.