السعودية / متابعات التقرير – توقع تقرير اقتصادي متخصص أن تسجل ميزانية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، عجزًا خلال العامين المقبلين بنحو 2.7% و5.7% من الناتج الإجمالي المحلي على التوالي، وذلك على خلفية تراجع أسعار النفط إلى 60 دولارًا في تقديرات متشائمة، و85 دولارًا في التقديرات الأكثر تفاؤلًا، وفي ظل توقعات بالإبقاء على مستويات مرتفعة من الإنفاق الحكومي. وقالت “شركة جدوى للاستثمار” في تقرير لها إنه “من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر النفط (خام برنت) خلال العام القادم 85 دولارًا للبرميل، بمتوسط إنتاج 9.6 مليون برميل يوميًا بما يترتب عليه عجز في الميزانية السعودية بـ78 مليار ريال، تعادل 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي في نفس العام، حيث من المتوقع بلوغ الإيرادات 934 مليار ريال، فيما سيبلغ العجز في حال عدم خفض الإنفاق 1.012 تريليون ريال”.
وأغلق خام برنت الجمعة الماضية عند مستوى 68.7 دولارًا للبرميل ليفقد أكثر من 40% من قيمته مقارنة بأعلى مستوياته العام الجاري عند 115 دولارًا للبرميل في 19 حزيران/يونيو الماضي، أما فى عام 2016، فترجح “جدوى” أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط 83 دولارًا، بمتوسط إنتاج 9.4 مليون برميل يوميًا بما يترتب عليه حدوث عجز في الميزانية بـ164 مليار ريال، تعادل 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي في نفس العام، حيث من المتوقع بلوغ الإيرادات 812 مليار ريال، أما في حالة عدم خفض الإنفاق فإن العجز سيبلغ 976 مليار ريال.
وترى “جدوى” أن “الوضع القوي للاحتياطيات الأجنبية للمملكة التي تبلغ 95% من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى انخفاض مستوى الدين العام إلى أقل من 2% من الناتج، سيضعان الحكومة السعودية في وضع مريح يتيح لها التأقلم التدريجي مع المستوى الجديد لأسعار النفط المنخفضة، وتفادي إجراء خفض حاد في الصرف في الميزانية يؤدي إلى إعاقة أداء القطاع الخاص، وبلغت الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد العربي السعودي بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2.784 مليار ريال (742 مليار دولار)، وبلغ الدين العام للسعودية بنهاية 2013، نحو 75 مليار ريال (20 مليار دولار)”.
وتتوقع “جدوى” أن “تبقي السعودية على مستويات الإنفاق الحكومي مرتفعة، وهو ما سيؤدي إلى عجز في الميزانية خلال السنوات القليلة القادمة”، وقال الخبير النفطي ورئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي، إنه “من المرجح أن تبني السعودية ميزانية 2015 على سعر تعادل لبرميل البترول عند 60 دولارًا للبرميل، وسعر التعادل هو متوسط سعر برميل النفط، الذي يحقق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة”، وتوقع “أبانمي” أن “يتراوح سعر برميل النفط بين 50 و70 دولارًا خلال العام القادم 2015″، وقال إن “المملكة السعودية كانت تقول بعد الأزمة العالمية 2008 وحتى يونيو/حزيران الماضي بأن السعر العادل لبرميل النفط هو 100 دولار، فيما تغيرت الاستراتيجية منذ يوليو/تموز 2014، حتى أصبحت ترى أن 80 دولارًا سعرًا عادلًا لبرميل النفط”.
وأضاف “أبانمى” قائلًا: “عندما كانت السعودية تقول إن 100 دولار يعد سعرًا عادلًا لبرميل النفط كانت تبني الميزانية على سعر أقل منه بنسبة 25% تقريبًا أي 75 دولارًا للبرميل، وبالتالي بتطبيق نفس المعادلة على رؤيتها للسعر العادل حاليًا، فمن المتوقع أن تبني الميزانية على أساس سعر 60 دولارًا لبرميل النفط في 2015″، أما عن توقعاته بشأن تحقيق السعودية عجز أو فائض في الميزانية خلال العام المقبل، فقال: “الأمر يتوقف على مستويات الإنفاق التي ستبلغها الدولة، فإذا بقيت عند مستوياتها المرتفعة سيحدث عجز، بينما لو خفضت مستويات الإنفاق وأجلت بعض المشاريع غير العاجلة أو الضرورية فقد تحقق التعادل في الميزانية”.
والسعودية أكبر مُصدر للنفط في العالم بنحو 7.6 مليون برميل يوميًا، كما أن إنتاجها من النفط يقترب من 10 ملايين برميل يوميًا، وطاقتها الاستيعابية بحدود 12.5 مليون برميل نفط يوميًا، ويشكل النفط نحو 90% من إيرادات السعودية، ونما الاقتصاد السعودي بنسبة 3.8% في عام 2013، ليبلغ الناتج الإجمالي المحلى 1264 مليار ريال، مقابل 1218 مليار ريال في عام 2012، وتستمر أسعار النفط في التراجع، خاصة بعد قرار “أوبك” بالإبقاء على مستويات الإنتاج كما هي دون تغير وترك الأسعار لعوامل العرض والطلب.
وأدت تراجعات أسعار النفط إلى تخفيض وكالة التصنيف الائتماني العالمية “ستاندرد آند بورز”، النظرة المستقبلية للسعودية من “إيجابية” إلى “مستقرة”، إلا أنها أبقت على التصنيف السيادي للدولة عند -AA على المدى الطويل، وقالت الوكالة في تقرير لها إن “تراجع أسعار النفط سيضغط على الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، ونصيب الفرد منه (الدخل) ليتراجع إلى 23.4 ألف دولار (87.75 ألف ريال) خلال الفترة من 2014 إلى 2017، مقارنة بـ25.6 ألف دولار (96 ألف ريال) في يونيو الماضي”.
وقدرت الحكومة السعودية ميزانية للعام الجاري 2014 بنفقات قدرها 855 مليار ريال ( 228 مليار دولار)، مقدرة إيراداتها بنفس المبلغ ليكون هناك استقرار لا عجز ولا فائض في ميزانيتها. وحققت الميزانية السعودية لعام 2013 فائضًا قدره 206 مليار ريال (55 مليار دولار)، فيما قال صندوق النقد الدولي فى سبتمبر/أيلول الماضي، إن “آفاق الاقتصاد السعودي لا تزال إيجابية على المدى القريب”، متوقعًا أن يرتفع معدل النمو ليصل إلى 4.5% خلال عامي 2014 و2015. فيما توقع الصندوق تسجيل المالية العامة عجزًا في 2015، وذكر الصندوق، أن “التوقعات تشير إلى أن حجم الإنتاج النفطي لن يتغير مستواه كثيرًا عن عام 2013؛ نظرًا لأن النمو القوي المستمر في إنتاج أمريكا الشمالية يكفي لتلبية الزيادة في الطلب العالمي”.