قطر / نبأ – كتب أندرو كوريبكو في صحيفة "سبوتنيك نيوز" مقالاً بعنوان "هل ما زالت قطر في تعاون وثيق مع الإخوان المسلمين؟"، تحدّث فيه الكاتب عن بيانات متضاربة وتصريحات هامّة يمكن الإستخلاص منها بموقع قطري جديد من جماعة الإخوان المسلمين، وتناول كوريبكو طريق المصالحة الخليجية خصوصاً بالنسبة للدوحة والرياض، هذا وتحدث الكاتب في قراءة ما بين السطور عن حال ووضع الإخوان المسلمين في المنفى.
إستهلّ الكاتب مقاله بالخلاف الحقيقي بين السعودية وقطر على دعم الأخيرة الإخوان المسلمين الذي يشكّل "موضع خلاف في الشرق الأوسط لفترة طويلة"، معتبراً أنّ "بعد الإطاحة بالرئيس مبارك في مصر، ومجيء ممثل الإخوان محمد مرسي إلى السلطة، بدأت دول الخليج تنظر بجدية في احتمال أن الدور سيأتي عليها"، ولفت إلى أنّ التوتر إشتعل "في وقت سابق من هذا العام، عندما سحبت المملكة العربية السعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، سفراءها من قطر، احتجاجًا على دعم الدوحة لما تعتبره الدول الثلاث “جماعة إرهابية”".
ورأى الكاتب أنّها حربٌ باردة إتّخذت منعطفاً مستغربًا وسريعًا على مدى الأشهر القليلة الماضية"، مسائلاً: "ما الذي حدث؟ وما هي العلاقات، إن وجدت، التي لا زالت تحتفظ بها قطر مع الإخوان؟".
يجيب الكاتب على الإشكالية:
بيانات متضاربة
لم تصف قطر رسميًا أي علاقة جديدة مع الإخوان؛ ولكن بعض التصريحات الهامة التي قدمت خلال وحول قمة دول مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء في الدوحة يمكنها أن تكشف عن طبيعة هذه العلاقة.
أولًا، كان عقد مؤتمر القمة بحد ذاته مفاجئة، ولم يبدُ أنه كان سيحدث حتى اللحظة الأخيرة. وقال مساعد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد العزيز العويشق: “حقيقة أن يعقد هذا الاجتماع هي في حد ذاتها نجاح. وبالنسبة لقادة الخليج أن يأتوا إلى قطر بعد كل ما حدث هو حدث كبير”.
وبمجرد أن انطلقت القمة، قال الشيخ آل ثاني، حاكم قطر، إنه يأمل أن يكون هذا المؤتمر “مؤشرًا على بداية جديدة للعلاقات الخليجية”، وإنه “ليس لدينا خيار سوى مواجهة الإرهاب”. وهذا التعليق مثير للاهتمام للغاية؛ لأن ثلاثة من أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي يعتبرون الإخوان كجماعة إرهابية.
وأكد آل ثاني، مع ذلك، أنه يجب الوقوف “ضد هذه الأخطار والتحديات التي تحيط بنا من كل الجهات، ولا يمكننا أن ننحرف بسبب الخلافات حول التفاصيل”.
وقد ردد ذلك أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كانت بلاده جزءًا لا يتجزأ من تحقيق عودة العلاقات بين القطريين والسعوديين مرة أخرى، وقال إن الخلافات بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي كانت “طبيعية”.
وما يمكن استخلاصه مما سبق، هو أن قطر لا تزال تقف إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من أنها تريد من باقي الدول وضع تحفظاتها جانبًا باسم المصالحة. ولكن الأمور ليست بهذه البساطة، وحتى قطر اضطرت إلى منح تنازلات من تلقاء نفسها، من أهمها الاعتراف بحكومة سيسي في مصر، التي أطاحت بمرسي منتصف العام الماضي.
الطريق إلى المصالحة
وقد كان الوصول إلى هذه النقطة صعبًا بالنسبة للدوحة والرياض، وبدأ كل ذلك فعلًا في أواخر أغسطس، عندما زار وزير الخارجية السعودي، ورئيس المخابرات، ووزير الداخلية، الدوحة.
وكان آل ثاني في الرياض قبل ذلك بشهر، ربما لتمهيد الطريق أمام الاجتماع رفيع المستوى في العاصمة القطرية. ومن غير المعروف ما حدث بالضبط خلال المحادثات التي سادها الهدوء إلى حد كبير، ولكن قطر طردت 7 من قيادات الإخوان المسلمين خارج البلاد بعد بضعة أسابيع، وهو ما اعتبر تنازلًا كبيرًا لمطالب السعودية والخليج.
وكان هناك أيضًا حديث عن اتفاق لتخفيف تغطية قناة الجزيرة السلبية لحكومة السيسي في مصر، ليس فقط لتهدئة السعوديين، ولكن ربما أيضًا لخلق فتحة في المستقبل من أجل إطلاق سراح صحفيي القناة المتهمين بمساعدة الإخوان من السجن.
ومن ثم، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، عقد آل ثاني والعاهل السعودي، الملك عبد الله، لقاءً غير متوقع، حيث أعلنوا حل القضايا المتبادلة بينهما، ووضع حد للأزمة القطرية في دول مجلس التعاون الخليجي.
قراءة ما بين السطور: الإخوان في “المنفى”
ومن الواضح أن هناك من التفاصيل في هذه اللعبة ما هو أكثر بكثير مما يتم السماح لنا بالاطلاع عليه. حيث إنه من غير الممكن أن يكون السعوديون وحلفاؤهم قد أعادوا العلاقات مع قطر لمجرد طردها عدد قليل من قادة الإخوان. وما نستطيع استنتاجه من تعليقات آل ثاني يوم الثلاثاء هو أن بلاده لا تزال تدعم جماعة الإخوان المسلمين، لكنها تدرك أن لدى الدول الأخرى مشكلة مع هذا. وبالتالي، فإنه لأمر مثير للاهتمام، أن السعوديين وأمثالهم يبدون راضين حيال هذا الترتيب، وهو ما يوحي بأن قطر قد تكون قدمت تنازلات أعمق بكثير، ولكنها لم تعلن عنها للملأ.
وعلى الأغلب، تعهدت قطر بمنع الإخوان من ترسيخ وجودهم في الخليج بمقابل سماح دول مجلس التعاون الخليجي بوجودهم في سوريا، وشمال أفريقيا إلى الغرب من مصر. حيث إنه، وفي سوريا، ستكون ألوية الإخوان مفيدة في محاولة الإطاحة بالحكومة هناك، وهو ما يتماشى مع مصالح دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية. في حين أنه، وفي شمال أفريقيا، يمكن للجماعة السعي وراء أهدافها الخاصة في ليبيا، تونس، وربما حتى في الجزائر، بينما تمر هذه الدول خلال دورة انتقال القيادة (التي ستأتي عاجلًا، وليس آجلًا).
وما يجعل تلك المنطقة مختلفة عن سوريا، هو أن مصر والإمارات العربية المتحدة تعارضان بشدة الإسلاميين الذين يعملون في وعلى امتداد ليبيا، بما في ذلك أتباع قطر. وقد يكون هذا ما دفع هاتين الدولتين إلى عدم النظر بجدية في التحالف مع دولة الكويت والمملكة العربية السعودية لمحاربة تلك الجماعات.
وهذا يعني أن وكلاء قطر من الإخوان سيواجهون مقاومة جادة لخططهم هناك، ولكن من المرجح أن المملكة العربية السعودية سمحت للقطريين بمواصلة دعمهم في هذه المنطقة لمجرد التوصل إلى اتفاق مع الدوحة، وربما أيضًا، لأن المملكة تشعر بأنها معزولة جغرافيًا عما يحدث هناك.
وكل هذا يؤدي إلى نتيجة مفادها أن قطر لا تزال تدعم جماعة الإخوان المسلمين، وإن لم يكن في الخليج، ولكن في مناطق في المنفى، مثل بلاد الشام (سوريا)، وشمال أفريقيا إلى الغرب من مصر. وعلى الرغم من أن دعمها هو أكثر هدوءً ومعلن عنه بشكل أقل الآن، إلا أنه موجود بالتأكيد، وليس كل من في الخليج هم سعيدون بوجوده.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة التقرير