السعودية / نبأ – من المفارقة أن التعبئة السعودية والوهابية في الغرب تراكمت في ظل حرية تامة وبعيدا من أية عوائق، لم تمنع السلطات الفرنسية بناء المراكز الحاضة على الكراهية، لم تشدد قيودها عليها، لم تمنعها من العمل كما يحلو لها، ولم تخضع أئمتها للرقابة حتى، ثمة مصالح سياسية واقتصادية أكبر من مفهوم السلم برمته، أموال ممالك الخليج تتدفق بغزارة على عاصمة الأضواء، في الأسواق والمصارف ومصانع الأسلحة والأحزاب والمؤسسات الفرنسية يكتتب السعوديون، إكتتاب لم تجد فرنسا ضيرا في السكوت عن التعنيف الفكري والإرهاب العقدي مقابل استمراره.
الإستمرار مطلوب أيضا في الأنظمة الخليجية، هذه المشيخات يعسر صمودها ما لم تتغذ بالوقود الثيوقراطي الرجعي، المملكة السعودية نموذج واضح من معادلة استغلال الدين، حكم الملوك وشرطتهم متعادل تماما مع الإعتقاد الوهابي، من دونه يغدو فاقدا للفلسفة وعناصر الحياة، من هنا، يأتي الحرص الغربي على حفظ عوامل النمو والبقاء في الممالك والإمارات، فرنسا ليست بدعا من ذلك، هي جزء من المنظومة الساعية في حماية حكام الخليج وتثبيت جذورهم.
الجذور الوهابية بدأت تؤتي أكلها في قلب باريس، الهجوم على مقر صحيفة شارلي إيبدو هو الأكثر خطورة والأسوأ منذ عقود، هجوم يقرع أجراس الخطر بقوة، الوحش التكفيري لم يعد محصورا بالعراق وسوريا واليمن وليبيا ونيجيريا، السعودية الممول والمجند والمحرض الرئيس باتت على خط النار، وفرنسا الداعم والمغطي والمتغاضي دخلت دائرة حمراء لا يمكن أحدا التشكيك في خطورتها.
دخول يفرض على فرنسا مراجعة إستراتيجية في الحد الأدنى، سياسة المجازفة الرهيبة من أجل المصالح لم تعد تنفع، وحده العدول عن الخطأ يوطئ لمعالجة الأزمة، فهل تعترف باريس وتصحح أم تصر على الإثم وتخاطر؟