السعودية/ نبأ (خاص)- مع تنفيذ حكم الجلد بحقّ المدوّن رائف بدويّ، ليس مستغربا ما تمارسه داعش ونظائرها في سوريا والعراق واليمن وليبيا ونيجيريا والسعودية وفرنسا، هذا الشبل من ذاك الأسد، كلاهما يعطبان العقل ويشوهان المفاهيم ويغذيان الكراهية ويتعلقان بالتقتيل ويقتاتان على الدماء، كلاهما انعكاس للآخر في مرآة الحقيقة والواقع، واقع ما تزال الرؤوس الغربية مصرة على إنكاره، بكل صلف تصر على تحالفها مع السعودية ضد داعش، وبكل صلف كذلك تصر المملكة على محاربتها داعش.
المحاربة الساقطة لم تعد تنفع، تنظيمات التكفير والترهيب والتقتيل تجاوزت حدود ما كان مرسوما لها، تجاوز يستدعي الإعتراف والمراجعة والتصحيح، أس المشكلة في بلاد الحرمين، هنا التركيبة الفريدة من نوعها، هيكلية سياسية بعيدة من أي وجه ديمقراطي وحداثي، لا مكان فيها لتداول السلطة أو الإنتخاب أو التمثيل أو المحاسبة، جنبا إلى جنبها هيكيلة دينية تستثمر الله في مزاد السلطة والملك والذهب الأسود، وفي قلبهما قبضتان أمنية وقضائية لا تتقلصان ولا تنبسطان البتة إلا بناء على ما يقرره الأمراء والمشائخ، ثلاثية رهيبة ما فتئ رائف بدوي وأمثاله ضحية لها، ثلاثية جهنمية من شبه المؤكد أنها لن تنجب إلا الدواعش ومن تدثر بدثارهم.
لم يكن مؤسس شبكة الليبراليين السعوديين مخطئا في تساؤلاته: “لماذا في الغالب فتاوى جماعتنا لا تدعو إلا للقتل والهدم؟”، ولم يكن الناشط الشاب مخطئا في إجاباته أيضا: “هذا ما علمكم إياه مشائخكم، الجبن والتخلف ولغة التخريب”، يكفي تكاذبا وضحكا على الذقون، يقول نشطاء حقوق الإنسان للعالم الأول اليوم، أوصاف الوحشية وغير الإنسانية التي ساقتها جين بساكي وغيرها من المسؤولين الغربيين لا مكان لصرفها، ما تشهده شوارع فرنسا للمرة الأولى منذ عقود يكفي وحده لتجلية الصورة.
دفاع الرجل الأبيض عن ممارسات المملكة الوهابية سينتج مزيدا من السوداوية والتأزيم، تأزيم لن يقتصر هذه المرة على قمع المطالبين بالحرية وتخريب أراضي الخصوم باسم الديمقراطية، بل سيمتد إلى قلب ما يسمى العالم المتحضر، قالها رائف بدوي يوما، تصبحون على حرية، حرية لا تستقيم إلا إذا كانت عامة وشاملة وغير طائفية، فهل من يسمع؟