احتشدوا من كلِّ حدْب وصوب في مسيرة باريس. زعماء ومسؤولون من كلّ العالم شاركوا في مسيرةٍ ضدّ الإرهاب. المشهدُ، في الظاهر، يُشبه البياض نقاءاً وطُهرا. إلا أنّ الوجوه التي تقاطرت في المسيرة، لم تكن بريئةً من جُرم الإرهاب المتنقِّل عبر الدول والقارات.
فرنسا، الضّحية اليوم، لها ألفُ حكايةٍ وحكايةٍ مع خرائط الإرهاب. في شارع الأليزيه تُطلٌّ رؤوسٌ معروفةٌ منذ زمن، وهي مشحونةٌ بتلك الأفكار المجنونة التي يتمّ تركيبها في جامعات المملكة ومدارسها. على بُعد أمتارٍ من برج إيفل، ثمّة شعارات غير بعيدةٍ عن تلك التي ترتفع من المنابر التي تُباركها هيئة كبار العلماء.
باريس اليوم؛ ضحيّةُ الجلاّد الذي تربّى فيها، ومنحته كلّ أدوات الجريمة والاقتناص.
الجنازة اليوم ليست في باريس فقط. والضّحايا يتنقّلون في كلّ مكان، وبلا حدود. إلا أنّ الجلادين وصُنّاع الموت والكراهية ليسوا في التّوابيت، وخلف القضبان. إنّهم حاضرون في مقدِّمة المسيرةِ، وبعضهم تُطلّ من جباههم حكاياتُ ضحاياهم وقبضاتُ السّياط التي تنهال على شعوبهم.
في باريس.. ثمة ضحايا للحرية، ولكن هناك أيضاً ساسةٌ يزرعون الضّحايا في بلادنا، ويسقون الشّجرة الخبيثة التي تُثمر موتاً وقهراً.