موسكو / نبأ – قالت روسيا العام الماضي (الثلاثاء ديسمبر ) أنها لن تخفض إنتاجها النفطي للمساهمة في دعم الأسعار وامتنعت عن مطالبة “أوبك” بذلك، رغم ما يظهره اقتصادها من مؤشرات على ضغوط حادة وانحدار عملتها إلى مستويات قياسية منخفضة، وحينما قررت أوبك الشهر الماضي عدم خفض الإنتاج فإن بعض وزراء الدول الأعضاء اقترحوا أن تنسق المنظمة مع المنتجين من خارجها مثل روسيا للمساهمة في تحقيق التوازن بالسوق.
وتعتبر روسيا ثاني أكبر بلد مصدر للنفط في العالم بعد السعودية، في حين يرى مراقبون أنها ستبقي على مستويات إنتاجها دون تغيير حتى إن لم تكن هناك ضمانات على أن الأسعار لن تشهد مزيدا من الانخفاض.
تقول بعض التحليلات أن السبب في إقدام السعودية على دفع أسعار البترول للانخفاض يعود إلى تكنولوجيا استخلاص البترول والغاز من الصخور في أميركا، والتي تساعد بشكل كبير الاقتصاد الأمريكي، وتقلل حاجة الولايات المتحدة الاعتماد على الخليج كمصدر وحيد للطاقة، بالاضافة إلى هذا الهدف، تحاول السعودية الضغط على الدول الكبرى المنتجة له كروسيا وفنزويلا، لتمرير بعض سياساتها، هذا ما جعل البعض ينشغل بما تناقلته وسائل الاعلام الغربية والعربية أن الرياض عرضت على موسكو التوقف عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد مقابل رفع أسعار النفط.
معظم الخبراء والصحافيين الروس المتخصصين في الشرق الأوسط لا ينتظرون تغييرًا في سياسة المملكة في عهد الملك الجديد. وهذا يعني أن العلاقة مع روسيا ستبقى إشكالية. ففي مقال نشرته صحيفة “غازيتا.رو” للكاتبين بولينا ماتفييفا وألكسندر براتيرسكي، حسبما نقلت “العربي الجديد”، استحضر الكاتبان رأيًا لأريج غاليستيان الخبير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، جاء فيه: “الملك سلمان، هو الزعيم الأسوأ من وجهة نظر مصالح روسيا. فمع الملك عبد الله كان يمكن إجراء بعض المناقشات، بينما مع الملك الجديد سيكون من الصعب جداً إقامة حوار سياسي”. أسباب ذلك واضحة، كما يقول كاتبا المقال: “فالمسألة الأكثر إيلامًا في العلاقات بين موسكو والرياض هي المسألة السورية. وخلافاً لروسيا، تقف الرياض ضد أي شكل من أشكال مشاركة إيران بحل الأزمة في سورية”.
من جهته، كتب الصحافي بيوتر آكوبوف مقالاً في صحيفة “فزغلياد”، عنوانه “ما الذي يمكن أن تنتظره روسيا من الملك السعودي الجديد؟”، تناول فيه العلاقات بين البلدين من زاوية أخرى. ورأى مبالغة الآخرين في الحديث عن تناقض المصالح بين الرياض وموسكو، قائلاً: “لدينا مصالح مشتركة كثيرة. وليس هناك اليوم تناقضات جدية بين العربية السعودية وروسيا. فسورية وإيران لا تمنعاننا من العمل على بنية عالمية جديدة. السعودية تشغل اليوم موقع الزعيم غير الرسمي للعالم العربي. ليس بسبب الاحترام غير المشروط للأسرة الحاكمة، بمقدار ما بسبب ضعف مراكز القوة التقليدية المتمثلة بمصر والعراق وسورية. ومن خلال هذا الدور، يمكن للرياض أن تشكل الطلب العربي على قواعد لعب جديدة”.
ووفقا لـ”العربي الجديد”، شغل اهتمام الصحافة الروسية مقال منشور في صحيفة “نيويورك تايمز” يتحدث عن أن روسيا والمملكة العربية السعودية تجريان مفاوضات سرية، تعرض من خلالها الرياض رفع أسعار النفط مقابل تخلي موسكو عن مساندة الرئيس بشار الأسد. علماً بأن سلطات البلدين سارعتا إلى نفي أن تكون هناك أية مفاوضات بهذا الشأن. كما أن الخبراء الروس في شؤون الشرق الأوسط أكدوا لا واقعية هذا الطرح.