في موقفٍ غير متكرِّر كثيراً.. أطلّت المملكةُ برأسها، ودانت بأشدِّ العباراتِ ما وصفته بالتّطاول على سيادتها القضائيّة، والتدخُّل في شؤونها الداخليّة، وذلك على خلفيّةِ الدّعوات العالميّة بتنظيفِ سجلّها غير المُشرِّف في مجال حقوقِ الإنسان.
ولكن، أيّ نظامٍ قضائيّ هذا الذي تدافعُ عنه المملكةُ، وتجعله في أعلى مراتبِ المجدِ والسّمو؟
إنه قضاءٌ يُحاكم النّاسَ بالظّنون والشّبهات. القضاةُ في المملكةِ ليس مطلوباً منهم البحث في أدّلةِ الاتّهام، ولا فحْص الأقوالِ والأفعال ومجريات الأمور.. يكفي أن تتدحرجَ إلى رأس قاضٍ ما.. شبهةٌ من تلك الشّبهات التي يُنمّيها الإدعاءُ بعباراتٍِ من قبيل “الخروج على ولي الأمر”، و”إثارة الفتنة”.. ويكفي أن يُلوَّحَ أمام القضاةِ بحكاياتٍ تمّ تحبيكها وتشبيكها في أجهزةِ الأمن.. لكي ينتفخَ القاضي بالحُكمِ ويُطلقه في وجه المتهمين، وبضميرٍ خالٍ من القلقِ وانتظار السّؤال عن الأدّلة المبرمة..
هذه هي العدالةُ التي تتفاخر بها المملكةُ بين الأمم.. وهذه هي العدالة التي تريد أن تُحارب بها خيرَ أبنائها المنسيين في الزنازن والمطاردين في المنافي..
عدالةٌ زائفةٌ مثل نفاقِ الغربِ الذي يُغدق المملكة بالسّلاح حتّى التخمة.. عدالةٌ تنصف الأمراء حصْراً، وتتوعّد النشطاء والمعارضين السّلميين بالويل والثبور..