السعودية تواجه إنتقادات دولية لإنتهاكات حقوق الإنسان

السعودية / نبأ – أستنكر وزير العدل السعودي وليد الصمعاني رئيس المجلس الأعلى للقضاء المكلف، التصريحات الصادرة من بعض المصادر الخارجية في إشارة إلى وزيرة خارجية السويد.

وإعتبر الصمعاني أن هذه التصريحات تتنافى مع حقيقة القضاء في المملكة المستمد من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه، والتي كفلت للإنسان حقوقه وحفظت له دمه وماله وعرضه وكرامته كائناً من كان، فلم تنظر الى عرقه ودينه وجنسه ولغته فالجميع أمام القضاء سواء، بحسب قوله.

وإعتبر الصمعاني، أن ما أثارته هذه المصادر إنما هو محاولة إخراج للأمر عن سياقه القضائي، مشيراً أن التعامل مع هذه الجرائم يتم وفق أنظمة المملكة المحلية، والتي تتفق مع القواعد والمعايير الدولية المعمول بها، بحسب زعمه.

وأردف وزير العدل قائلاً: ان القضاء في المملكة يتسم بالاستقلالية التامة في قضائه ولا سلطان عليه لغير أحكام الشريعة الإسلامية، مبيناً أن الأنظمة في المملكة وعلى رأسها النظام الأساسي للحكم كفلت حرية التعبير للجميع ولكنها حرية منضبطة، بضوابط الشرع والنظام، فالأنظمة في المملكة تفرق بين الحرية والإخلال بالنظام العام والتعدي على ثوابت وقيم المجتمع وأمنه وسكينته؛ بدليل وجود العديد ممَنْ يعبرون عن آرائهم ولم تتم محاكمتهم؛ لعدم ارتكابهم لأفعال مجرمة وفقاً للشرع والنظام.

هذا ووجهت المملكة من جديد الانتقادات الصادرة عن وزيرة خارجية السويد، لما اعتبره تصريحات تنطوي على تجاهل للحقائق، ولما وصفه المجلس بالتقدم الذي أحرزته المملكة على كافة الصعد، بما فيها مكانة المرأة.

وحذر مجلس الوزراء في اجتماعه وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية، من إجراء المملكة مراجعة لجدوى الاستمرار في العديد من أوجه العلاقات، التي تربط بين البلدين.

وهاجم المجلس في اجتماعه الأسبوعي ما وصفه بأنه اقحام لأنظمة الشعوب الإسلامية كمادة لتحقيق أغراض سياسية داخلية من قبل السياسيين، والذي من شأنه أن يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية والعلاقات الودية بين الدول بحسب ما نقل وزير الثقافة والإعلام عن المجلس.

وفي هذا السياق ،أشار الصمعاني في تصريحه إلى مضامين البيان الصادر عن مجلس الوزراء المتضمنة ان السعودية ملتزمة بالعهود والمبادئ التي أقرتها الأمم المتحدة، وأكدها ميثاقها حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.

ومن هذا المنطلق قال أنّ المملكة لا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية وترفض التطاول على حقها السيادي، بما في ذلك المساس باستقلال قضائها ونزاهته، مشدداً أن المملكة لا تقبل بأي حال من الأحوال أن يتعدى عليها أحد باسم حقوق الإنسان، خاصة وان دستورها قائم على القرآن والسنة الذي كفل للإنسان حقه وحفظ له دمه وماله وعرضه وحريته، والمملكة من أوائل الدول التي دعت إلى مبادئ حقوق الإنسان، واحترمت كافة المواثيق الدولية تجاهها وبما يتفق مع الشريعة الإسلامية السمحة.

يأتي هذا التصريح في وقت تتزايد فيه الإنتقادات من قبل حقوقيون حول إنتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، وتتصاعد دعوات للدول الأوروبية إلى الإقتداء بالسويد في التعامل مع إنتهاكات المملكة، ما يشير إلى حملةً واسعة قد تبدأ تأييداً للموقف السويدي، وقد بدأت صحف غربية تروج لقطع التعاون العسكري مع الرياض، بعد إقدام ألمانيا والسويد على مواقف مشابهة.

كما واجهت المملكة إنتقادات دولية للحكم الصادر بحق المدون رائف محمد بدوي بالجلد ألف جلدة على مدار 20 أسبوعا بتهمة “الإساءة إلى الإسلام”، حيث طالب البرلمان الأوروبي مؤخرا السلطات السعودية بالإفراج فورا “ومن دون شروط” عن المدون والناشط السعودي رائف بدوي، منددا بالحكم “المثير للغضب” الذي صدر بحقه.

وفي هذا السياق، دعا تركي الفيصل، الرئيس الأسبق للاستخبارات وسفير بلاده الأسبق بواشنطن، في مقابلة اليوم (الأربعاء) عبر شاشة “CNN”، إلى تذكر الانتهاكات التي تجري في العالم كله وعدم تصوير الأمور وكأنها تتعلق بالسعودية فقط، وذلك ردا منه على الانتقادات حول جلد المدون رائف بدوي بالمملكة، مؤكدا أن الرياض تعمل منذ سنوات على إصلاح القضاء وهي ترفض التشهير بها.

وردا على سؤال حول إمكانية إعادة النظر بنظام العقوبات السعودي على ضوء وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى السلطة وصعود جيل جديد من الأمراء قال الفيصل: “علينا النظر إلى المشكلة من زاويتين، الأولى: هل سيكون لدينا نظام قضائي مستقل أم لا؟”

وتابع الفيصل بالقول: “إذا كان لدينا قضاء مستقل فعلينا التعامل مع أحكامه ومحاولة تحسينها من خلال التعليم وإصلاح النظام القضائي وتطوير فهم أفضل من القضاة للعالم اليوم. الخيار الثاني هو التدخل في عمل القضاء، وبحال قمنا بذلك فسنواجه نفس الانتقادات من الجهات التي انتقدت اليوم حكم الجلد وسيقولون إن المملكة ليس فيها قضاء مستقل وأن السلطات تتدخل بالأحكام.”

وأكد الفيصل أن السعودية تريد أن يكون لديها نظام قضائي مستقل مضيفا: “لقد بدأ العمل على إصلاح القضاء حتى قبل وصول الملك سلمان إلى السلطة، هناك اليوم المئات ربما من القضاة الذين سافروا ضمن برنامج إصلاحي حكومي إلى أمريكا وبريطانيا وفرنسا والدول العربية لرؤية عمل الأنظمة القضائية فيها.”

وأضاف: “هذا على مستوى الإصلاح الطويل الأمد للقضاء، ولكن الملك قال علنا أنه لن يسمح لأحد بالتدخل بشؤون السعودية الداخلية، نحن نسمح بالانتقادات كما يفعل الجميع، لكننا لن نقبل القذف والتشهير.”

وردا على سؤال حول المشاعر التي تنتابه عند الحكم بالجلد على شخص ما دعا الفيصل إلى تذكر الانتهاكات في مناطق أخرى من العالم قائلا: “تنتابني نفس المشاعر عند رؤية كيفية معاملة السجناء على يد جنود الجيش الأمريكي في أبوغريب، و عند رؤية الرجال الذين يقبعون منذ سنوات دون محاكمة في غوانتانامو.”

وختم بالقول: “فالقضية ليست مقتصرة على السعودية، إذا كان هناك ظلم في العالم فهو يحصل في العديد من الأماكن الأخرى، ولكننا على الأقل نحاول إصلاح نظامنا القضائي ونتمنى إنجاز ذلك بأسرع مما يتوقعه الناس.”