السعودية / نبأ – رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنّ السعودية غيرت اسم عمليتها في اليمن من "عاصفة الحزم" إلى "عودة الأمل"، مؤكدة أنّ الوضع على أرض الواقع لم يتغير كثيرًا. وحتى بعد أن أعلن مسؤولون يوم الثلاثاء عن نهاية عدوانهم الذي إستمرّ قرابة الشهر، فيما تواصلت الغارات الجوية بقصف العاصمة صنعاء في الأحياء والمدن والبنى التحتية.
ووفقًا للأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، قتل 944 يمنيًا على الأقل، وأصيب ما يقرب من 3500 آخرين، منذ بدء الحملة التي تقودها المملكة. ويزعم السعوديون إن المرحلة المقبلة ستشهد تقليصًا للضربات الجوية، والتركيز أكثر على تقديم المساعدة الإنسانية، وبدء عملية سياسية للتوفيق بين الفصائل المتحاربة في اليمن.
وهنا ما حققه شهر من عمليات القصف في اليمن كما جاء في "واشنطن بوست":
دحر المد الحوثي؟
لقد كان الحافز الأولي لعملية عاصفة الحزم هو التقدم المطرد للمتمردين الحوثيين في جنوب اليمن الشهر الماضي. ويبدو أن الضربات الجوية قد أحبطت استمرار الحوثيين بالاستيلاء على المنشآت العسكرية الرئيسة في البلاد، ولا سيما بعض القواعد الجوية.
ومن الممكن أن يقلل هذا من التهديدات التي يشكلها الحوثيون على الأراضي السعودية، وكانت هذه واحدة من المبررات المفترضة للحملة. ولكنه لا يفعل سوى القليل لتحقيق الاستقرار في اليمن، الذي لا يزال عالقًا في قبضة استمرار الصراع بين الحوثيين والفصائل الجنوبية المحتشدة ضدهم.
وقد انحل جيش البلاد تقريبًا، وتحالفت بعض الوحدات مع الحوثيين. وفي حين اقترح أن السعوديين قد يقومون بإرسال قوات برية، لم يتم جمع مثل هذه القوة معًا حتى الآن.
وكان الأمل هو أن شهرًا من القصف العنيف سوف يجبر الحوثيين على المجيء إلى طاولة المفاوضات. ولكن، فرص السلام لا تزال تبدو ضعيفة.
وتواصل قوات الحوثي تطويق مدينة عدن الساحلية الجنوبية، التي اتخذها الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ملاذًا له بعد طرده من صنعاء. ومن المرجح أن السعوديين سوف يضطرون لمواصلة ضرباتهم لمنع الحوثيين من الاستيلاء على هذه المدينة. وقال متحدث باسم الحوثيين إن جماعته سوف تفكر بالحوار فقط بعد أن تنهي السعودية “العدوان على اليمن” بشكل كامل.
كارثة إنسانية تلوح في الأفق
وخلال كل هذا، يتصاعد سقوط ضحايا من المدنيين، ويتواجد ما تبقى من الدولة اليمنية على حافة “انهيار وشيك”، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.
وهنا، ما جاء في بيان صحفي صدر عن المنظمة يوم الأربعاء: “تكافح المرافق الصحية من أجل العمل، حيث تواجه هذه المراكز نقصًا متزايدًا في الأدوية المنقذة للحياة والمستلزمات الصحية الحيوية، وهناك انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، ونقص في الوقود اللازم لعمل المولدات. وقد أدى نقص الوقود أيضًا إلى تقليص قدرة سيارات الإسعاف على تأدية وظائفها، والقدرة على إيصال الإمدادات الصحية إلى جميع أنحاء البلاد“.
وأضاف البيان: “يهدد انقطاع الكهرباء ونقص الوقود أيضًا بتعطيل عمليات اللقاح، وهو ما يترك الملايين من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات غير محصنين، ويزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية، مثل الحصبة، وهي منتشرة في اليمن، وكذلك شلل الأطفال، الذي تم القضاء عليه ولكنه الآن في خطر الظهور من جديد“.
وتحدث البيان أيضًا عن نقص المياه الصالحة للشرب مما أدى إلى زيادة خطر الإصابة بالإسهال وأمراض أخرى. وعلى مدى الأسابيع الـ 4 الماضية، أشارت التقارير الوطنية لترصد الأمراض إلى تضاعف عدد حالات الإسهال الدموي لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وكذلك زيادة عدد حالات الحصبة والملاريا المشتبه بها.
مكاسب لتنظيم القاعدة
وكما قالت الواشنطن بوست في عدة مناسبات، كان الصراع في اليمن على مستوى كاف من التعقيد حتى قبل أن يتدخل فيه السعوديون مباشرةً. ويعمل فرع تنظيم القاعدة القوي في أجزاء من جنوب اليمن وشرقه، وكان قد اشتبك مع الحوثيين خلال العام الماضي.
ووفقًا لبعض التقارير، قدمت الاضطرابات التي أججتها حملة القصف السعودية فرصةً للمتشددين لتحقيق مكاسب خاصة بهم، بما في ذلك قيامهم بهجوم ناجح على قاعدة جوية يمنية وعلى ميناء بحري رئيس.
ولقد كان جناح تنظيم القاعدة هذا، والمعروف باسم القاعدة في جزيرة العرب، الهدف الأساسي لسياسة الولايات المتحدة في اليمن على مدى العقد الماضي.
استقطاب عميق
منذ بدء عملية عاصفة الحزم، نظر الخبراء إليها في سياق أوسع؛ هو التنافس الإقليمي بين المملكة العربية السعودية وإيران. ولكلا الدولتين وكلاء يتقاتلون في جيوب أخرى من الشرق الأوسط.
ويعد الدور الإيراني في الصراع اليمني، الذي لم يكن معركة طائفية في حد ذاته، محل نقاش. وقد أدى وجود ظل لإيران في البلاد، بالإضافة إلى الاستجابة السعودية الثقيلة، إلى نشوب حرب كلامية مريرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وإلى ظهور المخاوف من أن الأزمة المتصاعدة قد تثير حريقًا أكبر وأخطر.
وعلاوةً على ذلك، تزداد العداوات داخل اليمن تصلبًا، مع استعداد الفصائل في عدن لمعركة قاتمة ضد الحوثيين. وللمفارقة، الجميع تقريبًا متحدون إلى حد كبير في تجاهلهم التام لهادي، وهو الرئيس “الشرعي” الذي اتخذ من الرياض ملجأ له، وكان عاجزًا عن منع تفكك بلاده في السنوات السابقة.
وكتب أنتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “يجب على الحروب في الدول الفاشلة معالجة الأسباب الأوسع لذلك الفشل، أو المخاطرة في أن تصبح حروبًا فاشلة“. وفي حالة التدخل السعودي حتى الآن، يبدو أن المخاطرة أكبر نوعًا ما.
التقرير يعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة: التقرير