نبأ – قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة د. خليل الحية بمناسبة التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى إن معركة طوفان الأقصى شكلت منعطفاً مهماً في تاريخ القضية الفلسطينية، ومراحل مقاومة الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن آثار هذه المعركة مستمرة، ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب.
وأضاف: “ما حدث في السابع من أكتوبر من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني قامت به نخبة كتائب القسام سيبقى مفخرةً لشعبنا ومقاومتنا تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، وقد أصابت كيان العدو في مقتل، وسيستعيد شعبُنا كامل حقوقه، وسيندحر هذا الاحتلال عن أرضنا وقدسنا ومقدساتنا عما قريب:.
وأوضح الحية أن ما قام به الاحتلال وداعموه من حرب إبادةٍ وحشية، وجرائمَ نازيةٍ، ومعاداة للإنسانية، على مدى 467 يوماً سيبقى محفوراً في ذاكرة الشعب الفلسطيني والعالم وإلى الأبد، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث، بكل ما فيها من أصناف الألم والعذاب وألوان المعاناة.
وتابع: “فصول حرب الإبادة ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الصامت المتخاذل، ولن ينسى شعبُنا كل من شارك في حرب الإبادة، سواء من وفر لها الغطاء السياسي والإعلامي، أو من قدموا آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات التي أُسقطت على رؤوس أهلنا وأبنائنا وبناتنا في قطاع غزة، ونؤكد أن كل هؤلاء المجرمين سيلقون جزاء ما قدموا وفعلوا ولو وبعد حين. وعلى الرغم مما تعرض له الشعب الفلسطيني من أهوالٍ وشدائدَ تشيب لها الولدان، فإننا نرفع رؤوسنا بمقاومتنا ونفخر بأبطالنا ومقاومينا، وبشعبنا الصابر، ولن يرى عدوُّنا منا لحظة ضعف ولا انكسا”ر.
وقال: “لقد حاول الاحتلال منذ بَدء العدوان تحقيقَ العديد من الأهداف، أعلن بعضها وأخفى البعض الآخر، فقال صراحةً أنه يسعى لإنهاء المقاومة والقضاءِ على حماس، واستعادةِ الأسرى بالقوة العسكرية، وتغييرِ وجه المنطقة، فيما كان هدفُه المبطن، تصفيةَ القضية وتدميرَ القطاع والانتقامَ من أهله وتهجيرَهم، والقضاءَ على إرادة شعبنا بالحرية، وتدميرَ كلِ معاني الأملِ، وإنهاءَ آثارِ العبورِ المجيد في السابع من أكتوبر. لكنَّ الاحتلالَ المجرم اصطدم بصلابة شعبنا، وتشبثه بأرضه، ففشل في تحقيق أيٍّ من أهدافه السرية أو المعلنة، فقد ثبتَ شعبُنا في أرضه، لم يرحل أو يهاجر، وكان الدرعَ الحصينَ لمقاومته”.
وتابع: “تَمترسَ مقاومونا أبناءُ كتائب القسام، أولئك الأبطال الذين أذهلوا العالم أجمع ببطولاتهم وعملياتهم الاستثنائية، واستمروا حتى آخر لحظة من لحظات هذه الحرب، يقاومون بشرف وأخلاق، في الدفاع والهجوم، ونفذوا عملياتٍ نوعيةً، بجرأةٍ لم يرَ العالمُ مثلَها، واستبسال قَلّ نظيرُه، وهم يضعون العبوات ويطلقون القذائف وينصبون الكمائن ويقاتلون من نقطة صفر، ويثخنون في العدو حتى جعلوا آلياتِ الاحتلال توابيتَ متفحمةً”.
وتوجه الحية بالتحية إلى كلُّ المقاومين من فصائل المقاومة الأبطال، وقال: “نخصُّ منهم أبناءَ سرايا القدس إخوةَ الدرب والسلاح في الجهاد الإسلامي، وكانوا نموذجاً للمقاتل الفدائي الحر، وباعوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل وطنهم ودفاعا عن شعبهم. نحن اليوم نُثبت أن الاحتلال لم ولن يهزم شعبَنا ومقاومتَه بفضل الله ومعيتِه، ولم يحقق سوى الخرابِ والدمارِ والمجازرِ بحق شعبِنا، ولم يأخذ أسراه إلا باتفاق مع المقاومة بوقف الحرب والعدوان وصفقة تبادل مشرفة”.
وأضاف: “نقول بثقة ويقين: إن صمودَ شعبِنا وعظيمَ تضحياتِه وبسالةَ مقاومتِه قد أجهض وأفشل أهداف الاحتلال المعلنة والمستترة من هذه الحرب، ولا زالت إرادة شعبنا حرةً أبية نقية، لا تشوبها شائبةٌ من تخاذل أو ضعف، بل بقي عزيزاً شامخاً حتى آخر لحظة”.
وقال: “إننا ونحن نعلن عن الوصول لاتفاق وقف الحرب والعدوان، نستذكر بكل كلمات الشكر والامتنان، كلَّ من وقف معنا ومع شعبنا ومقاومتِنا في اللحظات القاسية. نخص بالذكر هنا الإخوةَ في جبهات الإسناد: في لبنان الشقيق، حيث الإخوةُ في حزب الله الذين قدموا مئات الشهداء من القادة والمجاهدين على طريق القدس، وعلى رأسهم سماحةُ الأمين العام السيد حسن نصر الله وإخوانه في القيادة. نستذكر كذلك مساندة الإخوة في الجماعة الإسلامية، وما قدمه الشعبُ اللبناني من مقاومة وتضحياتٍ كبيرةٍ وصبر عظيم، دفاعاً وإسناداً لشعبنا الفلسطيني، وقد أبلَوْا بلاءً حسناً، وحوّلوا حياةَ الاحتلال إلى جحيم وتشريد، في مشهد تضامن وإسناد حقيقي، يجسد أُخوّة الإسلام والعروبة. كما نستذكر الإخوةَ في اليمن أنصار الله -إخوان الصدق- الذين تجاوزوا البعد الجغرافي، وغيّروا من معادلة الحرب والمنطقة، وأطلقوا الصواريخَ والمُسيَّرات على قلب الاحتلال وحاصروه في البحر الأحمر. نستذكر أيضا جهد الإخوةَ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي دعمت مقاومَتنا وشعبَنا، وانخرطت في المعركة ودكت قلبَ الكيان في عمليتيْ الوعد الصادق (1) و(2)، والمقاومةَ العراقية التي اخترقت كلَّ العوائق، لتساهمَ في إسناد فلسطين ومقاومتِها، ووصلتْ صواريخُها ومُسيّراتُها إلى أراضينا المحتلة”.
وتوجه بالتحية كذلك إلى أهالي الضفة، وخاصة في مخيم جنين البطولة، وفي القدس والداخل المحتل، والشعب الفلسطيني في المنافي والشتات، والشعوب العربية والإسلامية.
وأضاف: “نحن الآن أمام مرحلة جديدة في غزتنا الأبية هي مرحلةُ البناء والمواساة وإزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار، مرحلةُ التضامن والتعاطف، التي من خلالها نؤكد للعالم أننا شعب حر يبني ولا يهدم، ويعمّر ما يخربه الاحتلال”.
وختم الحية: “قادرون –بعون الله أولاً- ثم بمساعدة الإخوة والأشقاء والمحبين والمتضامنين، أن نبنيَ غزةَ من جديد، وأن نخففَ من الآلام، ونداويَ الجراح، ونمسحَ على رؤوس الأيتام، ونكفكفَ دموعَ المكلومين، ونرسمَ البسمةَ على الشفاه التي سلبت الحربُ بسمتها، كما أن أسرانا الأبطال على موعد مع فجر الحرية بإذن الله”.