السعودية / نبأ – ذكرت صحيفة «الأخبار» اللبنانية في مقال للكاتب والباحث الدكتور فؤاد إبراهيم، السعودي المعارض، اليوم الثلاثاء، أن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل طلب، وبإصرار، لقاء وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور محمد جواد ظريف، مشيرة إلى أن آل سعود اضطروا إلى إعلان وقف العدوان على اليمن، بعد توجه البوارج الحربية الإيرانية نحو الساحل اليمنية وتحرك الجيش اليمني إلى باب المندب و توغل قوات يمنية في عمق الأراضي السعودية فضلا عن رسالة انذار من «أنصار الله» نقلها السفير الروسي بصنعاء.
ونقل تقریر «الأخبار» عن مصادر خلیجیة مقرّبة من صنّاع القرار، أن «عاصفة الحزم» کانت «طبخة» سعودیة ــ أمیرکیة بامتیاز، مشیرة إلی أن "القیادة السعودیة أبلغت قادة دول مجلس التعاون في الخلیج بموعد بدء العملیات قبل 6 ساعات. ولم تطلب السعودیة سوی الدعم المعنوي، وهي سوف تتکفل بباقي المهمات. أخذت الموافقة من بقیة الدول، أي مصر وترکیا وباکستان والسودان والأردن، عبر إتصالات هاتفیة.. ولکن من دون ذکر للتفاصیل".
وأضافت المصادر أن سعود الفیصل وزیر الخارجیة السعوي، "لم یکن هو الآخر علی علم بقرار الحرب حتی لحظة وقوعه، بالرغم من حدیثه قبل یومین من بدء «عاصفة الحزم» عما سماه «إجراءات» في حال مواصلة «أنصار الله» تمدّدهم نحو عدن، ولم یکن الوزیر یقصد بها «حرباً»، بل عقوبات وتحریضاً لقوی یمنیة موالیة للسعودیة بالتحرك العسکري". وأشار الدكتور إبراهيم أنّ حین یکون سعود الفیصل وهو في موقع سیادي لیس علی علم بموعد الحرب، فإن ذلك یعني، بالضرورة، أن هناك أمراء آخرین کثراً، أقل منه رتبة لم یکونوا علی علم بالحرب.
غرفة مشترکة في الریاض أمریکیة سعودیة لإدارة العملیات
وتفید تسریبات العائلة المالکة بأن محمد بن سلمان، ‘بن الملك ووزیر الدفاع، کان اللاعب الرئیسي في العدوان، وأنه ووالده الملك ووزیر الداخلیة وولي ولي العهد محمد بن نایف هم من أخذوا قبل شهرین قرار الحرب بالتشاور مع الأمیرکیین.
ونقلت «الأخبار» عن المصادر الخلیجیة تأکّیدها أن "محمد بن سلمان لا یزال یدیر الحرب بصورة فردیّة، ویرفض الاستماع إلی نصیحة من أحد، حتی إنّ محمد بن نایف طلب من الأمریکیین التدخّل للحد من جنوح إبن الملك سلمان قبل أن تقع کارثة بإصراره علی الحرب ورفض الحلول السیاسیة".
وبحسب الصحیفة فإن ولي العهد الأمیر مقرن بن عبد العزیز الذي جری تهمیشه منذ إعتلاء سلمان العرش، لم یکن علی علم بقرار الحرب، وعلیه لم یکن من بین أعضاء «خلیة الحرب». ويلفت إبراهيم أنّ صمت الأمراء لیس عن قبول بالقرار، بل کان مریباً وخصوصاً فی ظل حملة «استدراج» لبیانات التضامن والمواقف مع قرار الحرب من قبل فئات الشعب، فی مقابل «تخوین» کل من لا یعبّر عن دعمه المطلق وغیر المشروط لـ»عاصفة الحزم».
الدور الأمریکي في «عاصفة الحزم» قبل وقوعها وبعده
زوّدت الولایات المتحدة السعودیة بالقنابل الخاصة بالأنفاق من نوع «جي بي یو»، وقد إستنفدت مخازن الخلیج خصوصاً في الکویت التي تضم کمیة کبیرة من هذه القنابل، و قد ألقیت خلال الأسبوعین الأولین من الحرب بهدف ضرب مخابىء الصواریخ لدی الجیش و«أنصار الله».
ويضيف الكاتب في صحيفة الأخبار أنه وبعد فشل القصف الجوي السعودي والقنابل، تدخّلت البوارج الحربیة الأمیرکیة في الخلیج وأطلقت عشرة صواریخ کروز من نوع توماهوک 109 (قیمة الصاروخ الواحد 600 ألف دولار) وإستهدفت الصواریخ البالیستیة معسکرات للجیش الیمني، لکن کانت المعسکرات فارغة تماماً.
وتؤکد المصادر أن الطیارین السعودیین لم یکونوا مؤهلین بدرجة کافیة، فکانوا یقصفون بطریقة عشوائیة في الأیام الأولی، ما تسبب بوقوع ضحایا مدنیین کثر، وأصابوا أهدافاً مدنیة أکثر منها عسکریة، فتدخّل الأمریکیون لتوجیه الطائرات وتقدیم معلومات دقیقة عن طریق طائرات الاستطلاع من دون طیار التي تحوم فی سماء الیمن مدة 30 ساعة متواصلة.
و بحسب خبراء عسکریین، کانت الطائرات الحربیة السعودیة تنطلق من قاعدة خمیس مشیط أو من الطائف غرب السعودیة وتقطع مسافة طویلة تصل الی 1600 کلم ذهاباً وإیاباً ولا یمکن لطائرة واحدة أن تقوم بها من أجل تنفیذ المهمة، فتدخل الأمریکي لتزوید الطائرات بالوقود في الجو . فکانت تنطلق 8 طائرات تکون إثنتان للقصف والباقي لتعبئة الوقود. وهناك غرفة مشترکة في الریاض أمیرکیة سعودیة لإدارة العملیات وتزوید الطیارین بالإحداثیات وتوجیه الطائرات.
سبب إعلان وقف العدوان علی الیمن
يقول الكاتب والباحث السياسي إنه، وبعد أربعة أسابیع من القصف الجوي والبري والبحري المتواصل، وجدت السعودیة نفسها أمام ضغط دولي متعاظم، تزامن مع معطیات علی درجة کبیرة من الأهمیة:
الأول: تحرّك بوارج حربیة إیرانیة نحو السواحل الیمنیة، و کانت الرسالة واضحة للجانب السعودي، ما إستدعی تحریك بارجتین أمریکیتین نحو المنطقة بهدف طمأنة الحلیف السعودي.
الثاني: في الجانب الیمني تحرّکت فرق عسکریة تابعة للجیش الیمني و«أنصار الله» باتجاه مضیق باب المندب.
الثالث: عبور قوات یمنیة الحدود بعمق 7 کلم والسیطرة علی عدد من المراکز السعودیة.
تحرکات دبلوماسیة وإعلان «أنصار الله» نفاد صبرهم علی الجبهة الدبلوماسیة، لقاء جری بین وفد «أنصار الله» مع السفیر الروسی فی صنعاء، و کان عاملاً رئیساً في تفعیل قنوات الإتصال الدبلوماسي بین واشنطن وموسکو وبین عمان والریاض؛ رسالة الوفد أن «ردّنا علی العدوان السعودي بات وشیکاً جداً»، فطلب السفیر الروسي مهلة لإیصال رسالة بهذا الخصوص إلی قیادته في موسکو التي بادرت إلی الاتصال بواشنطن من أجل احتواء خطر تفجّر حرب إقلیمیة.
ظریف یرفض طلب لقاء سعود الفیصل حرص علیه الأخیر
وبحسب الصحیفة، جری لقاءان بین السفیر الإیراني فی الریاض مع کل من وزیر الخارجیة سعود الفیصل ووزیر الداخلیة محمد بن نایف. وبدا سعود الفیصل حریصاً علی لقاء نظیره الإیراني محمد جواد ظریف، وأکّد علی تلبیة الأخیر لدعوة سابقة کان الفیصل قد وجّهها له خلال لقاء لهما في نیویورك فی 21 أیلول من العام الماضي.
أما محمد بن نایف فعرض علی الجانب الایراني التعاون في مجال مکافحة الإرهاب، وأبلغه أن أفغانستان بالنسبة إلی إیران هي بمثابة الیمن بالنسبة إلی المملکة. وکان الرد الایراني واضحاً: لا لقاء بین الفیصل وظریف قبل وقف إطلاق النار.
ويضیف إبراهيم في صحیفة الأخبار: ومن جهة ثانیة، تأکّد آل سعود بأن الرد الیمني بات وشیکاً، في ظل تساقط المحافظات بأیدی الجیش و«أنصار الله» واللجان الشعبیة، وزاد علی ذلك الرسالة البلیغة التي وصلت إلی القیادة العسکریة والسیاسیة السعودیة بعد عبور قوات یمنیة الحدود السعودیة. وبقیت العملیة خارج الضوء، ولکنها مثّلت عامل ضغط کبیر علی صانعي القرار السعودي، وکان ذلك أحد مبررات استدعاء الحرس الوطني إلی الحدود.
توافق روسي أمریکي عماني إیراني سعودي
وأشارت الصحیفة إلی إتفاق بین الأطراف الروسیة والأمیرکیة والعمانیة والإیرانیة والسعودیة بوجوب التوقّف عن قصف المؤسسات المدنیة والبنیة التحتیة وکذلک قتل المدنیین.
لکن الإتفاق بصیغته الأولیة، فیما لو تمّ، سینطوي علی هزیمة تاریخیة للجانب السعودي، ولا بد من «تخریجة» سیاسیة. وثمة أمور لم تفصح عنها القیادة العسکریة والسیاسیة في المملکة السعودیة، وأن إنتهاء «عاصفة الحزم» جاء نتیجة ضغوط دولیة وقد یتسبب الاستمرار في العملیات بـ«تضییق الخناق» سیاسیاً علی السعودیة بسبب انسداد أفق الحرب، ما یجعلها عاجزة عن تبریرها قانونیاً. و لذلك لجأت إلی مرحلة «إعادة الأمل» التي تجری الیوم دونما أهداف ذات طبیعة سیاسیة وقانونیة، بل تندرج في سیاق آخر ، ولأهداف أخری «تمشیطیة»، وکأن العدوان قد إنتهی بینما الوتیرة المتصاعدة للعملیات تشي بحقیقة أخری، إذ أرید لهذه المرحلة التخفیف من وطأة الضغوط الدولیة، ولکن مع بقاء «الحرب الشاملة» علی الیمن.
ما هو أهم من ذلي کله، أن الإعلان عن انتهاء «عاصفة الحزم» لا یعني وقف الحرب بصورة کاملة لأن ذلك سوف یترجم سلباً في مستویین، يقول إبراهيم:
– أولاً علی استقرار السلطة السعودیة ووحدتها فی الداخل.
– وثانیاً : علی النفوذ السیاسي فی الخارج.
وتابع: فأولئك الذین رفع آل سعود سقف توقعاتهم منذ بدایة العدوان سوف یصابون بخیبة أمل قاسیة لأن النصر الکاسح الذی انتظروه تحوّل الی هزیمة نکراء.
أما علی مستوی الخارجي، يضيف إبرهيم: أن السعودیة سوف تتعرض لجلد قاس من أولئك الذین ذاقوا ویلات «الشقیقة الکبری» علی مستوی الخلیج، أو من الدول العربیة والإسلامیة التي عانت طویلاً من «فتن ومؤامرات» آل سعود وتدخلاتهم.
وأکد أن ما یعنی آل سعود في «إعادة الأمل» هو البحث عن منجز میداني یمکن توظیفه في أي عملیة تفاوضیة مقبلة. والعمل العسکري یترکّز علی إحتلال عدن أو أي منطقة استراتیجیة یمکن أن تقام علیها حکومة ولو شکلیة کي تکون أساساً لدعوی «عودة الشرعیة»، ولو علی نطاق جغرافي ضیق.
وأضاف: على الضد، لا یزال هذا الهدف بعیداً بالرغم من إغداق الأموال علی کل من لدیه استعداد للتمرّد وحمل السلاح ضد الجیش واللجان الشعبیة في الیمن. ورفض «أنصار الله» واللجان الشعبیة والجیش الیمنی لدخول السعودیة کطرف في أي حوار یمني ــ یمني.
وإعتبر الكاتب والباحث السياسي أنّ الرفض التام والمطلق لمقترح إحتضان الریاض لمثل هذا الحوار دفع السعودیة نحو التصرّف بخلفیة الخاسر المنتقم. وألأشار إلی أن العواصم المقترحة للحوار هي: مسقط، موسکو، جنیف. ولم تتغیر قواعد الاشتباك في کلتا المرحلتین «عاصفة الحزم» و«إعادة الامل»، وإذا کان آل سعود خسروا الحرب فلن یدعوا خصومهم یهنأون بالنصر، ولذلك هم یستخدمون کل ما یمکن تخیّله في هذه الحرب.
ولفت إبراهيم أنّه لأول مرة تنکشف حقیقة العلاقة بین النظام السعودي وتنظیم «القاعدة» والتي بدت واضحة في التنسیق التام بینهما علی الأرض. علی سبیل المثال، کل المعسکرات التي کانت تحت سیطرة «القاعدة» في جنوب الیمن یجری قصفها علی الفور حال سقوطها بأیدي الجیش الیمني واللجان الشعبیة.
ويضیف، أن السعودیة تتصرف بعقل الخاسر، الذي ینطلق من قاعدة «ألعب أو أخرّب الملعب» حسب المثل الشعبي العراقي، فالعدوان السعودي یستهدف تدمیر مقوّمات الدولة في الیمن وکل بناها التحتیة، بما یؤخر ولادة الیمن ــ النموذج عقوداً من الزمن.
سلمان یخشی تمرد متعب على ابنه
وترى الصحيفة أن السعودیة لن توقف الحرب طالما أن أیاً من الأهداف الثلاثة السالفة الذکر لم یتحقق، لأن ذلك یضع وجودها ومصیرها علی المحك. فالقیادة السیاسیة والعسکریة السعودیة مطالبة بتقدیم إجابة حاسمة لجمهورها الذي لم یقتنع بکلام المتحدث العسکري باسم التحالف أحمد العسیري عقب إعلانه انتهاء «عاصفة الحزم» بدعوی أنها حقّقت أهدافها، إذ لا یزال عبد ربه منصور هادي في الریاض، ولا یزال الجیش الیمني و«أنصار الله» یتمدّدون داخل الیمن، ولا کلام سوی عن أهداف مدنیة وقلیل نادر من الأهداف العسکریة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ ثمة معطیات فی الجانب السعودي جدیرة بالالتفات وأهمها صدور الأمر الملکي بوجود الحرس الوطني علی الحدود. کان أمراً مستغرباً، لأن تشکیلات الحرس الوطني مصمّمة للدفاع عن السعودیة إزاء اضطرابات داخلیة ولیست من أجل حروب حدودیة.
وتابعت: في الحقیقة، هناك معلومات وصلت للملك سلمان بأن الأمیر متعب بن عبد الله، وزیر الحرس الوطني یخطط مع أمراء آخرین من بینهم الأمیر مقرن بن عبد العزیز، ولي العهد، لوضع حد لاستفراد سلمان و إبنه وزیر الدفاع محمد وما جری من تقویض شامل لترکة والده، فأصدر سلمان أمراً بنقل الحرس الوطني إلی الحدود الجنوبیة علی خلفیة الخوف من تمرّد فی الریاض.