السعودية/ نبأ- أكدت الكاتبة مريم عبدالله في مقال نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن لا شيء سيوقف الماكينة الإعلامية السعودية من تعبئة الفضاء العام بمادة مغرقة في المذهبية والطائفية والعنصرية تجاه كل من يرفض حربها على اليمن.
هكذا، منحت جوقة ضخمة من الكتّاب والمفكرين وحتى مقدّمي برامج يوتيوب التي ضمنت استقلالاً رمزياً قبل «عاصفة الحزم»، بطاقة خضراء للدفع بكل الوسائل إلى إعادة بلورة ذاكرة مؤيدة لكل ما تنتجه المشيخة النفطية.
لا ضحايا في اليمن، فكلّ «من نقصفهم هم من المسلحين وتابعين للحوثيين والمشروع الإيراني في المنطقة». ومن يرفض تلك الرواية سيجري استحضاره في حفلة الهستيريا الإعلامية والتصويب عليه بكل ما لا يمكن تصوّره من بدائية في قاموس السلطة الرابعة المحكومة سعودياً.
الإعلاميان السعوديان وليد وخالد الفراج توليا مهمة الترويج للحرب، معتمدين على شهرتهما كل في مجاله ومنبره الإعلامي. يعطي وليد الفراج مقدّم برنامج «أكشن يا دوري» الرياضي على قناة mbc، مثالاً بات يتسابق عليه إعلاميو النظام السعودي في من سيقدّم الولاء والطاعة والتغزّل بسيف الحزم المرفوع على أفقر بلد عربي. هو الذي خصّص حلقات عدّة من برنامجه لبثّ دعايات منتشية وأغنيات وآراء مؤيّدة للعدوان على اليمن. شقيقه خالد الفراج معد ومقدّم برنامج «نص الجبهة» على قناة «صاحي» اليوتيوبية، ألزم نفسه الردّ على خطاب السيد حسن نصرالله الذي هاجم الحرب السعودية على اليمن.
الحلقة الـ17 من الموسم الثاني لـ«نص الجبهة» التي أطلق عليها عنوان «حزب الجبهة» في إشارة إلى «حزب الله» (3 مايو)، بدأت عبر تصوير غرافيكي يسجّل انتقال الفراج من جدّة إلى اليمن على وقع موسيقى جيمس بوند. محاكاة بوند السعودية تبدو أنها فشلت للوهلة الأولى حين يُكشَف من طريق مسلّحين حوثيين. السخرية ستكون باللهجة اليمنية. سيطلب المسلحون من الفراج كلمة سرّ للكشف عن الجهة التي يعمل لها. لم تكن تلك الكلمة سوى قبضة من القات يضعها الفراج في فمه. طبعاً، سيعتمد الغازي السعودي على «الغباء» اليمني في تسطيح يخلو من الفكاهة، وسيصور اختلاف المسلحين في كونه إيرانياً أو من الجنوب التابع لعبد ربه منصور لينجح في الإفلات من الفخ!
في الدقيقة 51، ينتقل الفراج الذكي والوسيم وصاحب الفكاهة إلى الحديث عن شخصية «أبو علي». لم تكن تلك الشخصية سوى نصرالله. لبس المقدّم السعودي عمامة سوداء، مُطلقاً صيحات طفولية تنبّئ بولادة نصرالله في ستينيات القرن الماضي، ليخرج في المشهد التالي بحركات هستيرية تصوّر مرحلة دراسة نصرالله الدينية في النجف العراقية. فوراً، سيتطرق الفراج في الحلقة التي تجاوزت 400 ألف مشاهدة عبر يوتيوب خلال أيام قليلة، إلى شعبيّة نصرالله وجماهيريته المتصاعدة. سيدخل الفراج متمثّلاً بضحيته السياسية على وقع هتاف الجماهير. يحيّي جمهوره وفي الخلفية يظهر علم الحزب اللبناني، لكن السيد المعروف ببلاغته وفصاحته الخطابية، لن يقول شيئاً في عُرف الفراج، هو فقط «سينبح»! وكل ذلك بمرافقة حركات وإشارات كوميدية ساقطة في عرف المحارب الإعلامي.
لن يتوقّف المقدّم السعودي هنا عن تحصيل نقاطه الهجومية ضدّ نصرالله. سيتوقف عند عدد المرات التي ذكر فيها نصرالله كلمة السعودية في خطابه التضامني مع اليمن، وصولاً إلى توجيه سؤال الماكينة السعودية التي برّرت للعدوان الأخير على اليمن «هل أنت عربي أم فارسي؟»، مستعيناً بمقاطع من برنامج توفيق عكاشة على قناة «الفراعين» يهاجم فيها نصرالله. وطالب الفراج، نصرالله بالردّ على سؤال عكاشة عن جنسيته المفترضة.
في هذه الحرب، لن تكون هناك استثناءات بالنسبة إلى الإعلام السعودي الموجّه. تصل حلقة «نص الجبهة» اليوتيوبية إلى السؤال المنتظر. ينظر الفراج إلى الشاشة موجّهاً سؤاله إلى نصرالله: «ما هي مشكلتك مع هذه الحرب؟». اختار الفراج إجابة موجزة لنصرالله نفى فيها تفويض العرب إلى النظام السعودي شنّ حرب باسمه، ليردّ عليه الفراج بأنّ أحداً لم يفوّض إليه أيضاً التدخّل في سوريا، مختتماً ذلك بمقطع لفيصل القاسم عن دور الحزب في الحرب الدائرة منذ أكثر من أربع سنوات.
«الكلّ معنا في هذه الحرب» يُعلن الفراج، فيما على نصرالله أن يذهب لتحرير فلسطين «جيرانه منذ عقود» على حد تعبيره. توقّع المقدّم فقدان نصرالله للمعجبين بتاريخه النضالي ضدّ الاحتلال الاسرائيلي، ساخراً من حيازته إعجاب هيفا وهبي المؤيّدة له التي صنعت شهرتها وثروتها عبر القنوات والجمهور السعودي والخليجي. وبالطريقة السعودية القديمة في منح الأعطيات، يطلب الفراج من السيد قبول منحة رجل أعمال سعودي عرض عليه مبلغاً يفوق 5 ملايين دولار وعمرة في مكة، مهدّداً بشكل مبطّن، أنه أيّ نصرالله لن يخرج مُعافى من المملكة.
وأنهى خالد حلقته بسؤال معدّي الحلقة، عما سيحدث له حال سفره إلى لبنان في المقابل. في الحال، ينتقل المشهد الأخير – الإجابة – إلى لحظة وصول الفراج إلى مطار بيروت، حيث سيُختطَف في ضاحية بيروت الجنوبية، وسيحقّق معه أمين حزب الله شخصياً، مقنعاً إياه تحت التعذيب بأن حزبه حزب المقاومة، هاتفاً بالموت لأميركا وإسرائيل ولخالد الفراج!