ليس أدلُّ على التمييزِ الطائفيّ من حرمان مواطنين من حقّهم الطبيعي في مكانٍ ملائمٍ لدفن موتاهم.
هذا هو حالُ المواطنين في الدّمام من المسلمين الشّيعة. يُحرَمون من حقّ الحياةِ العادِلة، ومن حقِّ إكرام الموتى في مدافنَ قريبةٍ من سُكناهم.
وسائل الإعلامُ والكُتّابُ والفضائيات الرسميّة التي نشرت قصائدَ المديح في شهداءِ حُماة الصلاة بحيّ العنود؛ عليهم جميعاً أنْ يوجِّهوا أقلامَهم وألسنتهم إلى هذه الحقيقة.. فالأبطالُ الفدائيون الذين مجّدهم القاصي والدّاني؛ سيضطرُّ أهاليهم لنقل جثامنيهم الطاهرةِ إلى مسافةٍ تبلغ مئة وثلاثين كيلو مترا عن مسقط رأس الأهل والأحبّةِ…
الدّولةُ التي لا تفاخرُ بشهدائها، ولا تُكرِّم ذكراهم.. لا يُتوقَّع منها أنْ تُصدِرَ قانوناً يُجرِّمُ التمييزَ الطائفيّ ويُلاحِقُ الأصواتِ التكفيريّةَ والوجوهَ التحريضيّة والأقلامَ المتلوِّنة…
الدّولةُ التي تزوِّر الحقائقَ، وتنسبُ لنفسها البطولاتِ الوهميّةَ في الدّاخلِ والخارج.. لا يُنتظَرُ منها أنْ تقفَ في وجهِ مُصدِّري الأكاذيب، أو أنْ تغيِّرَ وتُصلِحَ المناهجَ التعليميّةَ القائمةَ على التّضليلِ والتّزويرِ وتاريخِ الخرافات…
ليس على المواطنين اليوم غير الصّبرِ والصّمودِ والتّحدي. الصّبرُ الذي يحفظُ الوحدةَ بين المسلمين، والّصمودُ الذي يكشفُ منابرَ الفتنةِ والتكفيرِ ومنْ وراءها، والتّحدي الذي يُفشِلُ خُططَ الدّواعشِ ويُبطِل أهدافَهم ويَنزعُ عنهم الأقنعةَ السّوداء…