السعودية/ نبأ- قال المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية يوني بن-مناحيم، في تقرير حمل عنوان "سباق التسلح السعودي"، أنَّ توقيع واشنطن والدول الكبرى الاتفاق النووي الوشيك مع إيران، دفع بدول مثل السعودية إلى السعي لحيازة تكنولوجيا نووية، وأنَّ هذه الخطوة ستكون لها انعكاسات على الأمن الإسرائيلي، فلن تسمح تل أبيب لنفسها بأن تفقد تفوقها الجوهري على الجيوش العربية.
ووفق الكاتب، يواصل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز سياسة التحدي التي ينتهجها ضد إدارة أوباما احتجاجًا على الاتفاق النووي المزمع مع إير ان.
فبعد أن أرسل نجله ولي ولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا قبل نحو عشرة أيام، للاتفاق على معاهدات استراتيجية مع الرئيس بوتين، أرسله مجدًّدًا في 24 يونيو إلى فرنسا لهدف مماثل.
ولفرنسا مواقف سياسية مماثلة لمواقف السعودية في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، حيث تتخذ مواقف متصلبة إزاء الاتفاق النووي مع إيران، وتطالب بإزاحة بشار الأسد من الحكم في سوريا وتؤيد المساعي السعودية في الشأن الفلسطيني.
السياسات الجديدة للملك سلمان بن عبد العزيز براجماتية وقائمة على مصالح المملكة، ويطمح في إنشاء تحالفات استراتيجية جديدة بخلاف التحالف مع الولايات المتحدة بعد أن ثبت أن التحالف معها هش للغاية بعد أن قررت تأييد الاتفاق النووي مع إيران.
وكما هو معروف قاطع الملك السعودي قبل عدة أسابيع في كامب ديفيد لقاء الرئيس أوباما بزعماء الخليج، الذي حاول الرئيس الأمريكي خلاله إقناعهم بالموافقة على الاتفاق النووي مع إيران والتأكيد أنَّ التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ودول الخليج مازال قائما.
التقى الامير محمد بن سلمان، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ووقع معهم سلسلة من الصفقات تتعدى قيمتها 12 مليار دولار.
ومن بين الصفقات التي جرى التوقيع عليها، بناء مفاعلين نوويين في السعودية، وشراء 23 مروحية فرنسية بقيمة 500 مليون دولار، وشراء طائرات "إيرباص" مدنية، إضافةً إلى سلسلة من المشاريع في مجال البنى التحتية.
من يخشى سباق تسلح في الشرق الأوسط في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران، سوف يكتشف الآن أنَّ السعودية هي أول دولة تخوض هذا السباق ولا تخشى أو تخفي نيتها.
وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي يعد "نجمًا صاعدًا" في القصر الملكي السعودي والملك القادم للمملكة التقى قبل نحو عشرة أيام في موسكو الرئيس فلاديمير بوتين.
جرى الاتفاق في اللقاء بين الاثنين على توقيع ستة اتفاقات استراتيجية، أهمها اتفاق التعاون النووي بين الدولتين. وتنوي السعودية إنشاء 16 مفاعلاً نوويًّا لـ"أغراض سلمية"، من المنتظر أن تبني روسيا وتشغل معظمها، وتهتم باقي الاتفاقات بمسألة شراء السلاح والبناء والطاقة والزراعة والاستثمار.
وروسيا هي من زودت إيران بالمفاعل النووي في بوشهر، وبالخبرة النووية لتشغيله، الآن تسير السعودية على نفس الدرب.
ويرسل الملك السعودي عبر التوقيع على اتفاقات مع روسيا وفرنسا رسالة واضحة للرئيس أوباما مفادها أنَّ التوقيع مع إيران على الاتفاق النووي، المزمع نهاية الشهر الجاري، يعطي الحق لدول أخرى وبينها السعودية في حيازة تكنولوجيا نووية وكذلك حق تخصيب اليورانيوم.
وجاء من بين اتفاقات الأمير السعودي في زيارته لفرنسا شراء مروحيات مقاتلة، كذلك اهتمت زيارته لموسكو بمسألة شراء السلاح، ويدور الحديث عن دبابات روسية من نوع 90 T وصواريخ من نوع "إسكندر 400".
بذلك يشير الملك السعودي للرئيس أوباما إلى أنَّه لم يعد هناك أفضلية للولايات المتحدة وشركات السلاح التابعة لها في صفقات السلاح مع السعودية ودول الخليج وأنَّ للمملكة الحق في تنويع مصادر تسلحها للحفاظ على أمنها القومي.
وتعد السعودية زعيمة الدول الخليجية ويمكن الافتراض أنَّ هذه الدول سوف تتبنى أيضًا الاستراتيجية السعودية الجديدة وتسير على خطاها.
ويواجه الشرق الأوسط مرحلة خطيرة جديدة، هي نتيجة مباشرة للاتفاق النووي مع إيران، تتمثل في سباق تسلح دول الخليج التي ستلحق بها دول عربية أخرى مثل مصر والأردن.
بدلاً من أن يؤدي الاتفاق النووي مع إيران إلى الهدوء، ويقلل التوتر بين طهران والدول العربية بالشرق الأوسط، سوق يزيد التوترات والمخاوف، ويؤدي إلى بدء ماراثون تسلح خطير بأسلحة تقليدية، ويتوقع أن يتحول مستقبلاً لسباق تسلح بالسلاح النووي تخوضه دول عربية وذلك لإحداث توزان استراتيجي مع إيران.
سباق التسلح هذا ينطوي أيضًا على انعكاسات على أمن إسرائيل، التي لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن تفقد تفوقها الجوهري على الجيوش العربية، لا سيما في الوضع الجديد والخطير الذي يسود الشرق الأوسط، حيث تتفكك دول وتسقط أسلحتها المتطورة في يد عناصر إسلامية متشددة.
تدرك الولايات المتحدة الأخطار، لكن يبدو أنَّ الرئيس أوباما قد اتخذ قرارًا استراتيجيًّا نهائيًّا لمنح الأفضلية للاتفاق النووي مع إيران رغم مخاطره الكثيرة وعواقبه الجسيمة.