السعودية / نبأ – لا يسير عام 2015 على ما يرام بالنسبة للمملكة العربية السعودية، إذ إن محاولات الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه الأمير محمد بن سلمان –الشاب الذي يهيمن على أكثر دوائر الحكم السياسية والمالية النفطية والعسكرية: نائب ولي العهد ورئيس الديوان الملكي ووزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى لشركة النفط الحكومية "أرامكو"- لتعزيز سلطتهم في المنطقة وفي سوق النفط، باءت بالفشل، وفقا لما كتبه "نيك بتلر"، الباحث والأستاذ الزائر في معهد السياسة بكينجز كوليدج لندن، في مقال رأي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وقد تجاهل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عمدا مخاوف السعودية إزاء التوصل إلى اتفاق مع إيران الذي أثر بالفعل في تحول ميزان القوى في المنطقة. إذ إن المخاوف بشأن النفوذ الإيراني أدت بالسعودية إلى التدخل في اليمن، ولكن الحملة الجوية لم تحقق عمليا سوى القليل، وكشفت عن القدرات المحدودة للجيش السعودي. والنتيجة، وفقا للكاتب، كارثة إنسانية واستمرار قوات الحوثي في السيطرة على جزء كبير من شمال اليمن.
وربما الأسوأ من ذلك كله، كما يرى الكاتب، أن صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة لم يترتب عليها انخفاض الإنتاج مع تراجع الأسعار، بل على العكس من ذلك، فقد تم خفض التكاليف وسوف يكون إنتاج هذا العام أعلى مما كانت عليه في عام 2014. وعلى صعيد آخر، زاد المنتجون الآخرون من إنتاج النفط لمضاعفة الإيرادات. وقد انخفض سعر البرميل إلى 50 دولار وقد يهبط أكثر.
وهنا يتساءل الكاتب: فماذا بعد؟ يرى أن المملكة يمكن أن تتحرك في أحد طريقين: يمكن أن تسعى لتشكيل ائتلاف القوى لمواجهة شبكة تحالفات إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وقد يكون هذا السبب في زيارة ممثلين عن حماس إلى الرياض في الأسابيع الأخيرة، وقد تكون نتيجة هذا الخيار تدخلا حاسم ضد نظام الأسد في سوريا، فضلا عن احتدام الصراع في اليمن.
وبخصوص سوق النفط، فإنه يمكن للمملكة أن تقرر، وفقا لهذا الخيار، أن سعر النفط 50 دولار للبرميل ليس منخفضا بما فيه الكفاية لإلحاق الضرر بصناعة الصخر الزيتي، وعليه قد تهدف إلى تخفيضه ليصل إلى 40 دولار للبرميل، وتحمل الألم لفترة أطول، وهذا ما يمكن أن يفسر الاقتراض المكثف الذي أعلن عنه السعودية في الأسبوعين الماضيين.
ومع ذلك، يقول الكاتب، فإن هذا النهج المتصلب قابلا للتغيير. والبديل هو إجرام تقويم أكثر واقعية عما إذا كانت المصالح الحقيقية السعودية يتم مراعاتها بشكل جيد من خلال السياسات الحالية.
ويرى الكاتب أن خطر المزيد من الصراع واضح. وهجوم هذا الشهر على مسجد بالقرب من الحدود مع اليمن يدل على أن العدو داخل البوابات. كما إن تهديد الصراع الذي يمتد جنوبا من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وشمالا من اليمن، هو تهديد حقيقي. وعلى هذا، فإمكانية انخفاض الأسعار لن تؤدي إلا إلى المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وخارجها.
ومن الصعب، وفقا للباحث، أن نرى كيف تتطابق هذه النتائج مع مصالح من هم في السلطة في الرياض. ولضمان بقائهم واستمرارهم في السلطة، فإن الحكام السعوديين يحتاجون إلى فترة من الهدوء، كما كتب.
داخليا، تحتاج السعودية تحتاج إلى إصلاحات مثل رفع الدعم غير الفعال بشكل كبير، ذلك أن سعر البنزين 16 سنتا للتر الواحد، وهو ما يعني ضياع 80 مليار دولار سنويا من عائدات التصدير.
وفي الوقت نفسه، وفقا للكاتب، يجب زيادة أسعار النفط وجعلها مستقرة، حيث إن سوق النفط العالمية لا تعمل اليوم كما كانت في الثمانينيات، ويجب على النظام في الرياض أن يقبل بحقيقة أن المصالح السعودية تكمن في سعر مستقر يتراوح من 70 إلى 80 دولارًا للبرميل على مدى السنوات الخمس المقبلة. وسوف يتطلب تحقيق هذا خفضا كبيرا في الإنتاج يصل إلى نحو 2 مليون برميل يوميا.
وهذه "البراغماتية"، كما يراها صاحب المقال، مطلوبة في قضايا أخرى أيضا، فالتنافس مع إيران حقيقي، ولكن لا يزال هناك مجال للتعاون، فعلى الأقل يجمعهما هدف مشترك في هزيمة "داعش".
كما إن السعودية، دوليا، بحاجة إلى أصدقاء، ويرى أن الإصلاح والتحديث هما اللذان يمكنهما أن يغيرا المواقف تجاه المملكة.
وهذه ليست خيارات سهلة ولا هي مؤكدة، وفقا للكاتب. ومع أنه خدم الحذر المملكة بشكل جيد، على مدى سنوات، إلا أنه، في الوقت الحالي، لا يمكن ضمان الحصول على النتائج المنطقية لأي منهج في الشرق الأوسط.