الحرائقُ في المملكة ليست نيراناً تلتهم النّاسَ والأشياءَ فحسب، ولكنّها نيرانٌ تلتهمُ مصداقيّةَ الدّولةَ التي ينتظر منها المواطنون أنْ تكون عوناً لهم، وسنداً في حياتهم..
المملكةُ تحترقُ بالفسادِ، وليس بألسنةِ النّار فقط. ومع الفسادِ، ثمّة استبدادٌ لا يمكن للانتخاباتِ الشّكليّة أن تغطّي عليه أو تُجمِّلَ منظرَه الذي يرى قُبحَه القاصي والدّاني..
المحرَقةُ التي تشبُّ في المملكةِ هي اختصارٌ لمحارقِ السياسةِ والاقتصاد، والتي تمتزجُ فيها حكاياتُ العبثِ والطيْش والتبذير والسّرقات.
مخطئون وواهمون أولئك الحكّامُ حين يخالجهم ظنٌّ بأنّ النيرانَ التي يُضرمونها في الجِوار وفي الإقليمِ ويزيدونها حطَبَاً وفتناً؛ يمكن أن تحجبَ الأنظارَ عن رؤيةِ ما يجري في الدّاخلِ من نارِ الفتنة ومن حرائقِ الجوْر.. وهم أكثر وهماً حين يُصدِّقون بأنّ الإسعافاتِ الأوليّةَ، والعاجلةَ، يمكن أن تنجحَ في إطفاءِ الاستياءِ الشّعبيّ الذي يغلي في كلِّ مكان.. والمُرشَّح أنْ يصلَ لظاه إلى حيث لا يتخيّلُ ماسكُ الأعوادِ والنّافخُ في النيران….