إلى اليمنِ وليس إسرائيل؛ تُحشِّدُ دولُ الخليجِ قوّاتِها المدجّجةَ بالعويلِ والثّارات.
للحربِ والمجازرِ وليس لأجلِ إنقاذِ اللاجئين؛ تُقلِعُ الطائراتُ وتتحرّكُ الآليّات وتشتعلُ التّصريحاتُ والحملات.
من الأوطانِ التي تفتحُ أبوابَ سجونِها للمطالبين بالحريّةِ والديمقراطيّةِ.. يخرجُ حكّامُها لإبادةِ شعبِ اليمن الأصيلِ، وإحراقِ تراثِه، وهدْم كلّ بناءٍ فيه.. تحت شعار “إعادةِ الشّرعيّةِ” وحمايته من الأطماعِ الفارسيّة.. وفي ذلك عبرةٌ لمنْ شاءَ أنْ يرى كيف كان حال القبائل في الجاهليّة الأولى، حين كان الثّأرُ والعصبيّةُ والجهلُ ذخيرةَ الغزاةِ الذين يُغيرون على الجيرانِ، ليقتلوا الأطفال ويسبوا النّساء ويحرقوا الأخضر واليابس…
قد ينجح الخليجيّون في حربِ الطائرات والصّواريخ.. ومن المؤكِّد أنّ قائمة الضّحايا اليمنيين سترتفع بفضْل نار القبائل الخليجيّة التي تسرج خيولها الهائجة نحو اليمن.. إلا أنّ التّاريخَ لم يحكِ يوماً أنّ غزاةً ربحوا معركةً في أرضِ غيرهم.. ولم يُخبرنا الأجدادُ أنّ اليمنيين كانوا سقْطاً من الزّمان أو هامشاً في تاريخ الحضارات.. اليمنُ كان ولازال عصيّاً على المحْو والإذعان.. وأهلُ الحربِ في الخليج يكتبون عاراً جديداً في تاريخهم إنْ هم أرادوا الاستمرار في سيرتهم الأولى.. وهو عارٌ لن يُعرَفَ غوْرُه إلا حينما تتقاطر الجيوش، ومن حيث لا تدري، في المحرقة اليمنيّة.. والحقّ يقول”كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ”…