تهربُ المملكةُ من نفسِها، ولكنّها تجدُ نفسها أمام صورتها الحقيقيّة، في كلّ جهات الموت والدّمار.
تخشى المملكةُ من أيّ قوْلٍ أو صوْتٍ يُوجّه إليها، وكأنّها تعرفُ أنّ أيّ فْعلٍ أو همْسٍ يقترنُ باسمها لابدّ أن يكون سوءاً أو فيه إدانة..
مجلسُ حقوقِ الإنسان اليوم في جنيف سمِعَ بعضاً من الهواجسِ السّعوديّة، وفي الأيّامِ المقبلةِ سيمسعُ المجلسُ والعالمُ هواجسَ المواطنين وقلقَهم الذي يصلُ إلى حدِّ الشّعورِ باقتلاعِ الحقِّ في الحياة. حقٌّ ترى المملكةُ أنّه مُلكٌ لها، وأنّ لها الصلاحيّةُ والتّفويض الإلهيّ لتأخذه قسْراً، وأن تقْطعه بالسّيوفِ وبساحاتِ الإعدامِ في الشّوارع.. وهي تندفعُ بقوِّةِ الاستفزازِ والسّخريةِ بالحقوقِ لتوجِّه بالون الاختبار إلى شابٍّ بريءٍ محكوم بالإعدامِ، علي النّمر، وتصدِّقَ على الحكم بإعدامه، نكايةً بعمّه، الشّيخ نمر النّمر، المحكومِ بدوره بالإعدام، ونكايةً بما ينتمي إليه من وجودٍ جغرافيّ ودينيّ، وكأنّ حكّامَ المملكةِ يصرّون – حتّى آخر النّفس – على تدميرِ كلِّ ما له صلةٌ بالحياةِ، والكرامةِ، والشّرفِ، والحقوق.. وهو تدميرٌ تخبرُنا رافعةً الحرمِ المكّي بأنّ السلطة لن تجدَ مبرِّراً لارتكابه، ولن تجد صعوبةً في إخفاءِ معالمِه السّوداء.. فالقضاءُ والقدرُ حاضرٌ، وشيوخُ البَلاطِ جاهزون.. وفتاواهم تحت الطلب…