في أيّةِ دولةٍ تحترمُ نفسَها، وتُقدِّرَ العدْلَ وأرواحَ البشر، لا يمكن أن يمضي يوم، أو يومان، على حادثةٍ مفجِعةٍ، وتاريخيّة، مثل حادثة منى، من غيرِ أنْ يُحالَ رؤوسُ إلى المحكمة، ومن غيرِ أن يتغيّر هيكلُ الحكومةِ، جملةً وتفصيلاً…
إلا أنّ الدّولة المجازيّة في المملكةِ لا يحدثُ فيها شيءٌ من هذا القبيل.. فرغم أن فواجعَ الحجِّ غيرُ قليلة، والأرواحُ المسحوقةُ في أطْهر الأماكنِ مهدورةُ الكرامةِ والحُرمةِ.. إلا أنّ رؤوسَ الحُكمِ لا تهتزّ لهم شعرةٌ، ولا قيدُ عرْشٍ من عروشهم.. والبركةُ في شيوخِ الولاءِ الجاهزين دوماً لتبرئةِ ساحةِ الحكّامِ، وإلقاءِ التّهمةِ إلى “القضاءِ والقدر” تارةً، وإلى ضيوف الرّحمنِ تارةً أخرى.. وتلكم هي خلاصةُ الدّولةِ العميقةِ ونُخبتِها النجديّةِ التي تتصارعُ من أجل الانقضاضِ على كرامةِ المواطنين، والاستثمار في الضّحايا والأماكن المقدِّسة، والتي لا تدخّر جهداً من أجل اختطاف آمال الإصلاح والحرية داخل المملكة وخارجها..