السعودية / متابعات – “إيران دولة غير مأمونة الجانب من قِبل الولايات المتحدة وإسرائيل. كوريا الشمالية تصون أسرارها النووية وتُحكم من جانب رجل وحشي غريب الأطوار. طموحات فلاديمير بوتين الإقليمية تنذر الدول الديمقراطية. الخطر الأخير؛ داعش، الطفل الشرس للإسلاموية الذي صدم العالم كله. لكن على رأس هذه القائمة يجب أن تكون السعودية، ]الدولة[ المنحطة، الخبيثة، عديمة الرحمة، متجبرة، وخطرة مثلها مثل أي من ]الدول[ المذكورة بالأعلى”.
هكذا افتتحت الكاتبة الصحفية والروائية الإنجليزية، ياسمين براون مقالها المنشور في صحيفة ” ذي اندبندنت” البريطانية. المقال المعنون بـ” إمبراطورية الشر السعودية هي العدو الحقيقي للغرب”، تضمن سرد واستعراض لدور المملكة في نشر المملكة للتطرف ودعم التنظيمات والأفكار الإرهابية، كذلك انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الداخل وسياسة التمييز والقمع ضد الأقليات والمعارضين وأصحاب الرأي، بالإضافة إلى التطرق إلى آليات المملكة الثقافية والإعلامية التي توّصل من خلالها وتغطي بها الأفعال السابقة، وتناقضات ردود فعل الحكومات الغربية وعلى رأسها الحكومة البريطانية على ذلك.
الكاتبة سلطت الضوء على التناقض في علاقة الغرب تجاه المملكة، التي بحسب قولها: “تبث بشكل منهجي رؤيتها المختلة للإسلام لجميع أنحاء العالم، وتحض وتمول الكراهية، بينما تسحق حقوق الإنسان وأنفاسه. لكن الغرب يركع لحكامها، فالأسبوع الماضي اختيرت السعودية لتولي مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الاختيار رُحب به من جانب واشنطن. مارك تونر، المتحدث بأسم الخارجية قال: (نحن نتحدث معهم، عن بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان، ولذلك ومع الدور القيادي فأننا نأمل أن يكون فرصة لهم للنظر في حقوق الإنسان في أنحاء العالم وكذلك داخل حدودها)”.
وتعلق ياسمين على السابق بالقول “يغر فاهك ببساطة(!) السعودية تعدم شخصاً كل يومين. علي محمد النمر يقترب من قطع رأسه وصلبه لمشاركته عندما كان مراهقاً في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية خلال الربيع العربي. رائف بدوي، مدون تجرأ بالدعوة للديمقراطية حُكم عليه بالسجن 10 سنوات وعشرة آلاف جلدة. في الأسبوع الماضي، لقى 769 من المسلمين مصرعهم في مكة حيث ذهبوا للحج، في البداية برر الحُكام بأنها إرادة الله، وبعد ذلك ألقوا باللوم على القتلى. مكة كانت ذي قبل مكان البساطة والروحانية، السعوديين بجشعهم جرفوا المواقع التاريخية فيها لتحويلها إلى لاس فيجاس إسلامية بالفنادق وناطحات السحاب ومراكز تسوق للإنفاق والإنفاق والمزيد من الإنفاق، الفقراء لم يعدوا قادرين على الذهاب إلى هناك. وفي حين أن سلامة الحجاج تقتضي التحكم بأعدادهم، إلا أن ذلك يعني خسارة الأرباح”.
وتلفت الكاتبة النظر إلى امتداد فساد السعودية إلى خارج أراضيها، خاصة فيما يتعلق بدعم وتمويل التطرف والإرهاب، بالإشارة إلى نشاط المملكة في إنشاء مراكز لنشر الوهابية في الخارج، فأضافت أن “وعلى نحو أكثر خطورة، فأن النفوذ السعودي الخبيث ينتشر بسرعة وبحرية، فالملك سلمان يعرض بناء 200 مسجد للاجئين الذين وصلوا ألمانيا حديثاً وكثير منهم مسلمون، ولم يعرض في الوقت نفسه أي أموال لإعادة التوطين أو الاحتياجات المعيشية الأساسية، بل فقط للمساجد الوهابية، أحصنة طروادة للحملة السعودية السرية. كذلك الأمر للعديد من المدارس الإسلامية، التي هي أيضاً مراكز للوهابية ومنتشرة حول العالم، ومهمتها جعل القلوب والعقول ضيقة، وتقلب المسلم ضد المسلم، وتقوض التحديث”.
وتسرد الكاتبة أمثلة لتورط السعودية في الإرهاب، بداية من تورطها في هجمات 11/9 على مستوى أمراء من البيت السعودي، والمنفذين السعوديين الذين تولوا المناصب الهرمية في تنظيم القاعدة، مروراً بنشاطها التالي على مدار السنوات الأربعة عشر اللاحقة التي رأت فيها الكاتبة أن “السعوديين أصبحوا فيها أكثر عدوانية وأكثر تصميماً على الفوز بالحروب الثقافية. بضخهم الأموال للمنظمات والعمليات الإسلاموية، التي تُسيّد فقه استعباد النساء والأطفال، وتلعن القيم الليبرالية والديمقراطية. وتبعوا ذلك بحملة غارات جوية الوحشية على اليمن والتي خلفت الآلاف القتلى المدنيين وأكثر من ذلك ممن يرثى لحالهم”.
وتتطرق ياسمين إلى رد فعل الحكومة البريطانية تجاه كل ما سبق، متسائلة عن ماذا فعلته هذه المؤسسات لإيقاف ما أسمته بـ”اليد الخفية للشيطان” مضيفة أن مؤسسات الحكم لم تفعل لاشيء لأن “العائلة المالكة، الحكومات المتعاقبة، البرلمانيين، المؤسسات، والنافذين ]في بريطانيا[، كلهم يخضعون للعشيرة الحاكمة السعودية. أنا لم أرى أي تحقيق تلفزيوني عن هذا النظام ]السعودي[. نحن نعلم أن ذلك متروك لأنه ليس جيد للمصالح المشتركة، لكن أيضاً يتم طمس الأدلة. هذه المؤامرة الحقير كسرت من جانب بعض الكُتاب، مثل كريج أنجر وكتابه بيت آل بوش..بيت آل سعود المنشور عام 2004، الذي لم يدع مجالاً للشك أن السعودية كانت المركز العصبي للإرهاب الدولي، وأن عائلة بوش كانت قريبة على نحو غير مبرر من النظام السعودي، واعتقد الكثيرين منا ]كٌتاب وصحفيين[ أن الكشف عن هذا خلف ضجة أكبر من التي فعلها الصحفيين كارل برنشتاين وبوب وودورد، اللذان كشفا أكاذيب قالها ريتشارد نيكسون ]فضيحة ووترجيت[“.
وعن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية تجاه تفشي التطرف والأفكار الإرهابية في بريطانيا بسبب سياسات السعودية، قالت “العدو القاتل لن يتم ردعه بحربه ثلاثية، قادتنا يعرفون ما يجري فماذا هم يفعلون؟ يستضعفوا الناس، فالبرنامج الوقائي للحكومة يفرض واجباً على المربيين بأن يحترسوا بتربيتهم لـ(المتطرفين) الصغار وإخمادهم في المهد، كذلك المنزويين الأكبر سناً. حتى الأن هناك أربعة الآلاف من صغار المسلمين ]في بريطانيا[ دخلوا إعادة التأهيل أحدهم عمره ثلاث سنوات فقط(!). في مايو الماضي تحدث تلميذ مسلم عن موضوع (بيئة الإرهابيين)، فتم التحقيق معه عن ما إذا كان يؤيد داعش(!). أيضاً الأطباء والممرضات والمحامين والأكاديميين متوقع لهم أن يصبحوا جواسيس على الأمة(!). محمد عمر فاروق، طالب في جامعة ستافوردشاير، أتهم بالإرهاب لأنه كان يقرأ كتاباً معنون بدراسات الإرهاب في مكتبة الجامعة(!)”.
وتستطرد الكاتبة “في الولايات المتحدة، اعتقل ذو الأربعة عشر عاماً، أحمد محمد لأنه أخذ ساعة منزلية إلى المدرسة (ريتشارد دوكينز، الواعظ المهووس هذه الأيام، تساءل في ]تويتة[ عن ما إذا كانت الساعة جزء من خدعة مفتعلة لاعتقال محمد، قبل أن يتراجع دوكينز عن ما قال). الغرب على ما يبدو يعتبر أن الحرية تتوفر للبعض، وأن كونك مسلم هو جريمة”.
وتختتم ياسمين براون مقالها بمحصلة مفادها استبدال المسئولين في الغرب مواجهة ومحاسبة السعودية على مسئوليتها في نشر الإرهاب والتطرف بالاستقواء على الأقليات المسلمة وتحميلهم وحدهم المسئولية، فتقول “التطرف مشكلة خطيرة، المستغربين والليبراليين من المسلمين يحاولوا لجم الهجمة المحمومة المعادية لعقول الشبان المسلمين، لكننا عاجزون إلى حد بعيد. فقادتنا لا يتصدوا للسعودية، مصدر غسيل الدماغ وعدوى الإسلاموية. لا يريدون فعل ذلك بسبب النفط وأرباح مبيعات الأسلحة، جبناء السياسة الذين يقتاتوا من قيمهم اللاأخلاقية هم الخونة والتهديد الحقيقي للأمن القومي والوطنية والتماسك الاجتماعي. كيف لهؤلاء أن يردوا على هذا الاتهام؟”.