السعودية / متابعات – خفضت شركة النفط الحكومية السعودية (أرامكو) أسعار بيع النفط الرسمية لأوروبا، في محاولة من أكبر مصدر للخام حول العالم للحفاظ على حصته في سوق عالمي متخم بالإمدادات، حسب تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
السعودية، الزعيم الفعلي لـ«أوبك»، التي تنتج أكثر من واحد من كل عشرة براميل نفط في العالم، تقلصت حصتها في أوروبا خلال العام الماضي؛ نظرا لقيام منتجين منافسين بضخ المزيد من النفط إلى القارة العجوز.
وخلال العام الماضي، تجاوزت شحنات النفط السعودي إلى أوروبا نسبة الـ 13% من صادرات المملكة من الخام، وفقا لبيانات «أوبك».
لكن هذا النسبة تراجعت إلى حوالي 10% خلال الأشهر الستة الأخيرة، وفق ما أظهرته بيانات تتبع حاويات النفط.
في المقابل، ارتفعت كميات النفط التي يصدرها إقليم كردستان العراق إلى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي، والتي حلت محل بعض الشحنات السعودية هذا العام، وفقا لمحللين.
أيضا، طرات زيادة على تدفقات النفط الخام من غرب أفريقيا إلى أوروبا.
وقد استجابت السعودية لمثل لهذا الانخفاض في صادراتها النفطية إلى أوروبا عبر البحث عن عملاء جدد بما في ذلك استهداف المصافي التي كانت غالبا ما تحصل على إمداداتها من روسيا وبحر الشمال.
واليوم الخميس، قامت المملكة بخفض الأسعار الرسمية للخام العربي الخفيف في أوروبا بمعدل 1.3 دولارات للبرميل لعقود شهر ديسمبر/ كانون الأول، لتقدم سعرا تنافسيا أمام خام برنت القياسي من بحر الشمال؛ حيث يقل عنه بنحو 4.75 دولار للبرميل.
التوجه نحو قاعدة العملاء الروسية من المرجح أنها قد أثارت الهرج في موسكو، بالنظر إلى شكوى «إيغور سيتشين»، الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت النفطية الحكومية المدعومة من الكرملين، الشهر الماضي، من قيام السعودية بإغراق السوق، بعد أن تم الكشف عن بيع النفط السعودي إلى مصافي التكرير في بولندا.
مصفاة النفط السويدية بريم اشترت أيضا مؤخرا شحنة سعودية لأول مرة منذ 20 عاما، وفقا لـ«رويترز».
ورأى مراقبون أنه لا ينبغي المبالغة في توصيف المعركة بين روسيا والسعودية على مستهلكي النفط؛ نظرا لأن جميع المنتجين يتقاتلون على العملاء.
وفي هذا الصدد، قالت: «أمريتا سين»، من «إينرجي أسبيكت»، وهي شركة استشارية مقرها لندن: «إنها شحنة هنا أو شحنة هناك، لكن الشحنات السعودية الإجمالية إلى أوروبا انخفضت».
وأضافت: «جميع العملاء يرغبون في تنويع مصادرهم. ووجود مورد جديد يساعدهم قبيل إعادة التفاوض على الصفقات الكبيرة للعام المقبل».
ولا يزال سوق النفط العالمي يحمل وفرة في المعروض تبلغ مليون برميل على الأقل يوميا؛ وهو الأمر الذي تفاقم بسبب قيام كل من السعودية والعراق بزيادة إنتاجهم.
وحول ذلك، قال «بول هورسنيل»، رئيس أبحاث السلع في «ستاندرد تشارترد»: «إذا عاد كل من السعودية والعراق إلى معدلات الإنتاج السابقة قبل اجتماع أوبك في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فسوف يعاني السوق من العجز».
وأضاف: «لا يمكن اختصار السياسة فقط في كونها معركة من أجل الحصة السوقية. أي شيء يأتي في البحر المتوسط فإنه يتنافس مع النفط الخام الروسي والعراقي».
وفي عام 2015، ارتفع إنتاج روسيا من النفط، أيضا؛ حيث بلغ مستويات قياسية مقارنة بالسنوات التي تلت انهيار الاتحاد السوفيتي، رغم فقدان الخام لأكثر من نصف قيمته ليصل إلى معدل أقل من 50 دولار للبرميل منذ صيف عام 2014.
وترسل روسيا، أيضا، المزيد من النفط الخام إلى آسيا عبر خط أنابيب شرق سيبيريا – المحيط الهادي، من أجل المنافسة في تلك الأسواق.
ووفق بعض المتعاملين، حصل خط أنابيب سيبريا بدوره على حصة من النفط السعودي.
ومبررا التخفيض السعودي في أسعار النفط لأوروبا، قال «يوجين ليندل»، المحلل في جي بي سي للطاقة: «لم تكن تخفيضات الأسعار في أوروبا مفاجأة كبيرة، وأبرزت وفرة الخام الحالية في المنطقة، واستهدف التخفيض الضغط على الدرجات المحلية مثل فورتيس في بحر الشمال وأورال في روسيا».
وأضاف: «إذا لم تشرع السعودية في خفض الأسعار، فإن مصافي التكرير البولندية سوف تبدأ ببساطة في شراء الأورال مرة أخرى».