إنهماكُ دولٍ خليجيّةٍ في الحربِ اليمنيّة كانت نتيجته تراجعَ دورِهم في التحالفِ الأمريكيّ ضدّ داعش.
حقيقةٌ أرادَ مسؤولٌ أمريكيّ رفيعٌ أن يُمرِّرها في دبي، ولكن بجرعةٍ زائدةٍ من التّهدئةِ والتّحايل، حيث تعمّد في الوقتِ ذاته الإشادةَ بالعملياتِ العسكريّة في اليمن، وبينها الغاراتُ الجويّةُ التي يقوم بها السّعوديّون.
الذّاهبون إلى أنّ العدوانَ على اليمن هو سعوديٌّ أمريكيٌّ؛ سيجدون في كلامِ المسؤول العسكريّ الأمريكيّ مستنداً لا يقبلَ الجدلَ أو التأويل.. إلا أنّ طريقةَ التفكيرِ الأمريكيّة، هي ذاتها الطريقةُ السّعوديّة، كما يقولُ قائدُ القواتِ الجوية في القيادةِ الأميركية الوسطى.
الجزءُ الذي يريدُ الأمريكيّون تمريرَه هو أنّ دولَ الخليج الُمشاركةَ في العدوانِ على اليمن، ما عادَ لها تأثير في الحرب على داعش.. وهو كلامٌ ملغومٌ يعرفه أهلُ الخطابِ والدّارسون لفنونِ دسّ السّمِ في العسل..
السّعوديةُ والإماراتُ والبحرين، وهي الدّولُ الخليجيّة المقصودة هنا، باتت مُنهمكةٌ في العدوانِ على اليمن.. فيما يدُها مرفوعةٌ عن داعشِ التي تخْرُقُ حدودَها، وتدمِّر نسيجَها الاجتماعيّ.. وكأنّ حكّامَ هذه الدّول لا يجدون في هذا التنظيم الإرهابيّ أيّ تهديدٍ أو خطرٍ جدّي..
الطّلعاتُ الجويّة التي تقتلُ اليمنيين.. وتدمّرُ البنى التحتيّةَ في اليمن.. شمالاً وجنوباً.. تبدو بمثابةِ حرب عالميّةٍ أمام الدّور “العسكريّ” المزعوم للخليجيين في التّحالف الأمريكي ضدّ داعش.. وبمقارنةِ الأرقامِ والأيّامِ والضّحايا بين اليمن من جهةٍ.. وسوريا والعراق من جهة أخرى.. تُصبحُ الصّورةُ مليئةً بالنفاقِ والإجرام والتواطوءِ مع الإرهاب.. صورةٌ تظهر بوضوحٍ أكبر مع إعلان السعودية الدّعم غير المحدود للمقاتلين في سوريا.. وإظهارِها الإنزعاج إزاء أيّ تراجعٍ للمجموعات الإرهابية…
هذه هي الحكاية إذن التي يريد الأمريكيون إفشاءَها.. ولو بلغةٍ يغلبُها حياءُ العجوزِ الشمطاء…