ألمانيا/ نبأ/ فرانس برس – تجاهلت ألمانيا التهديدات التركية منذ أيام بتدهور العلاقات الثنائية وتبنت، يوم الخميس 2 يونيو/حزيران 2016م، قراراً يعترف بإبادة الأرمن، وهو ما اعتبرته تركيا، “المتنازِعة” مع أوروبا في ملف أزمة الهجرة، “خطأ تاريخياً”، واستدعت سفيرها من برلين لـ”التشاور”، في حين وصفته أرمينيا بأنه “مساهمة قيمة لمنع ارتكاب إبادات وجرائم ضد الإنسانية”.
ويندد القرار الذي صوت عليه “البوندستاغ” أو مجلس النواب الألماني، بالإجماع، بـ”ما قامت به آنذاك حكومة تركيا الفتاة وإلى إبادة شبه تامة للأرمن”، كما يدين “الدور المؤسف للرايخ الألماني الذي لم يفعل شيئاً لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية (…) بصفته الحليف الرئيسي للدولة العثمانية”.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حاول، يوم الثلاثاء 31 مايو/أيار 2016م، خلال اتصال هاتفي بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الضغط لمنع القرار، حذر، يوم الأربعاء 1 يونيو/حزيران من أن الاعتراف الألماني بإبادة الأرمن “سيؤثر بشكل خطير” على العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال أردوغان من كينيا التي يزورها حالياً، أنه سيتخذ عند عودته إلى تركيا قراراً حول “الخطوات” التي سترد فيها بلاده على ذلك.
وعند بدء النقاشات التي غابت عنها ميركل، أكد رئيس “البوندستاغ” نوربرت لاميرت أن المجلس “ليس محكمة ولا لجنة مؤرخين”، مشيراً إلى أن النواب الألمان انما “يتحملون مسؤوليتهم” عبر تاييد هذا القرار. وعبر لاميرت عن أسفه “للتهديدات العديدة بما يشمل التهديد بالقتل” التي استهدفت بعض النواب لا سيما المتحدرين من أصول تركية، وأضاف أن هذه التهديدات “غير مقبولة، ولن نسمح بترهيبنا”.
واستدعت تركيا سفيرها في ألمانيا لـ”التشاور”، كما استدعت القائم بالأعمال الألماني في أنقرة إلى وزارة الخارجية التركية في وقت لاحق من يوم الخميس. وقال المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش بتبني مجلس النواب الألماني القرار، قائلاً: “اعتراف ألمانيا ببعض المزاعم المحرفة التي لا أساس لها يشكل خطأ تاريخياً”، مضيفاً أن “هذا القرار باطل ولاغ”.
وفي تغريدة على “توتير”، وصف وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو القرار الألماني بأنه خطوة “غير مسؤولة”، متهماً برلين بالسعي إلى “تحويل الانظار عن تاريخ الرايخ الثالث المظلم”.
من ناحيته، أشاد وزير الخارجية الأرمني إدوارد نالبانديان: بالقرار الألماني ووصفه بأنه “مساهمة ألمانية قيمة ليس فقط في الاعتراف والتنديد الدولي بإبادة الأرمن وإنما في النضال العالمي لمنع ارتكاب إبادات وجرائم ضد الإنسانية”.
في المقابل، أكد زعيم الكتلة البرلمانية لـ”حزب لاتحاد المسيحي الديموقراطي” فولكر كودر الخميس للتلفزيون الرسمي الألماني أن التصويت لا يعني “وضع تركيا في قفص الاتهام”، وإنما “تشجيع المصالحة عبر تسمية الامور بأسمائها”.
وسيلقي اعتراف ألمانيا بإبادة الأرمن بظلاله على تطبيق الاتفاق بين الاتحاد الاوروبي وتركيا لخفض أعداد المهاجرين القادمين إلى أوروبا، والذي هدد اردوغان بعرقلته ما لم يتم إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات الدخول إلى منطقة “شنغن”.
ويؤكد الأرمن أن 1.5 مليون أرمني قتلوا بطريقة منظمة قبيل انهيار السلطنة العثمانية، فيما أقر عدد من المؤرخين في أكثر من 20 دولة بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا بوقوع إبادة ضد الأرمن. غير أن تركيا تزعم أن هؤلاء القتلى سقطوا خلال “حرب اهلية” ترافقت مع مجاعة وأدت إلى مقتل ما بين 300 و500 ألف أرمني فضلاً عن عدد مماثل من الأتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الأناضول.