العراق / نبأ – كشفت صحيفة “فايننشال تايمز اللندنية” أن تقريراً رسمياً قطع ببراءة جماعة الإخوان المسلمين في مصر من تهمة الإرهاب، ومع ذلك فقد عرقل بعض الوزراء والمسؤولين البريطانيين إصداره مخافة أن يُغضبوا حلفاءهم الخليجيين.
ونقلت الصحيفة في موقعها الإلكتروني مساء أمس الأحد عن مسؤولين حكوميين، أن التقرير انتهى إلى ضرورة عدم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، بل إنه لم يقف على دليل يُذكر يُثبت ضلوع أفرادها في أنشطة إرهابية.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون قد طلب من سفير بريطانيا لدى السعودية السير جون جنكينز إجراء تحقيق بشأن ما إذا كان يتعين تصنيف الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً.
وتعمل جماعة الإخوان بشكل رسمي في بريطانيا من منتصف التسعينيات. بينما يرجع تواجد الإخوان في المملكة المتحدة وبعض دول أوربا إلى أوائل الستينيات.
وقالت الصحيفة، وفق ما نقلت الجزيرة نت، إن كاميرون اتخذ تلك الخطوة إثر “ضغوط هائلة” من حلفاء بلاده في منطقة الخليج وتحديداً السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين حظرتا الجماعة.
غير أن وزراء في الحكومة انتابهم قلق كبير من رد فعل حلفاء بريطانيا في الشرق الأوسط جعلهم يوقفون نشر التقرير عدة أسابيع، بحسب شخصين على دراية بالتقرير، كما ذكرت الصحيفة.
وتتصدر الإمارات دول الخليج والشرق الأوسط في حجم التبادل التجاري مع بريطانيا بقيمة 8.4 مليار جنيه إسترليني سنوياً، في حين تأتي السعودية في المرتبة الثانية بـ 6.8 مليار جنيه إسترليني، أي أن إجمالي التبادل التجاري بين بريطانيا والسعودية والإمارات يصل إلى 15.2 مليار جنيه إسترليني. وهو ما دفع الصحف البريطانية إلى اعتبار قرار كاميرون التحقيق في أنشطة جماعة الإخوان قرارا لحماية مصالح اقتصادية للمملكة في الخليج العربي.
وطبقاً لمصادر في الحكومة البريطانية، فإن تقرير السير جون توصل إلى أن الإخوان المسلمين «لا يشكلون خطراً إرهابياً ذا بال في المملكة المتحدة».
ونسبت فايننشال تايمز إلى مسؤول كبير في وزارة الخارجية البريطانية – لم تكشف عن هويته – القول إن «أسرة آل نهيان الحاكمة في إمارة أبو ظبي على وجه الخصوص ظلت ترفع عقيرتها بالتنبيه إلى المخاطر التي يشكلها الإخوان المسلمون».
وأضاف المسؤول «أنهم (آل نهيان) يجأرون بالشكوى من أن مواطنيهم لا يشعرون بالأمان في لندن بينما أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يجوبون شوارع المدينة».
ومضت الصحيفة إلى القول إن كاميرون تحدث إلى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان الخميس الماضي.
وتابعت نقلاً عن تسجيل رسمي لما دار من حديث أرسله مكتب رئيس الوزراء إلى الصحفيين، أن الرجلين تناولا في محادثتهما الأوضاع في العراق وقطاع غزة ولم يتطرقا إلى تقرير السير جون جنكينز.
وكان من المنتظر نشر نتائج التقرير نهاية الشهر الماضي، بيد أن مسؤولين حكوميين أشاروا إلى أن الوزراء لا يزالون يعكفون على صياغة الكيفية التي يمكن بها عرض
تلك النتائج.
وللتأثير السعودي على المملكة المتحدة له سابقة مشهورة، يتمثل في صفقة اليمامة التي تعود إلى عام 1985، حيث وقّع وزير الدفاع البريطاني الأسبق “مايكل هيزلتاين” المرحلة الأولى من صفقة مع السعودية، تقوم فيها بريطانيا بتزويد الرياض بطائرات حربية، إضافة إلى إقامة قاعدة عسكرية بريطانية عملاقة في السعودية، وبلغت قيمة الصفقة 43 مليار جنيه إسترليني. في عام 2004، كشفت صحيفة “الاندبندنت” مخالفات مالية طالت مسئولين سعوديين بارزين وآخرين في شركة “بي إيه إي” البريطانية. صعّدت الصحافة البريطانية حملتها ضد صفقة اليمامة، وبدأ مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني Serious Fraud Office، في التحقيق في الوقائع التي نشرتها الصحافة.
لوّحت السعودية بوقف الصفقة، ولجأت إلى شركة “داسو” الفرنسية للحصول على طائرات حربية منافسة للطائرات البريطانية “يوروفايتر”. وضغطت الرياض بشدة بورقة “الحرب على الإرهاب”، وهددت بوقف التعاون الاستخباراتي مع الحكومة البريطانية، وهو ما أجبر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق “توني بلير” على إصدار قرار بوقف التحقيقات في تلك الصفقة، حتى لا تتضرر العلاقات الاستراتيجية مع السعودية في مجال الحرب على الإرهاب، وكي لا تفقد بريطانيا آلاف الوظائف التي ستنتج عن فشل الصفقة بين الطرفين.
(نبأ / الجزيرة نت / فايننشال تايمز/ الخليج الجديد)