المساعي الأميركية المزعومة لوقف العدوان السعودي تبدو أهدافها في الهدن المتتالية المتعثرة وآخرها هدنة كيري التي ولدت ميتة تماماً كسكة الحل الملغومة والمتمثلة بإعلان مسقط، مراقبون أشاروا إلى أن الإدارة الأميركية منتهية الصلاحية تؤمن للسعودية استراحة محارب جديدة وأخيرة..، لجولة جديدة من العدوان.. قد تبدأ في باب المندب.
حازم الأحمد – زيد الغرسي
أميركية الحرب اليمنية أعلنت مرتين، مرة في إعلان كيري واتفاق وقف إطلاق النار ومرة ثانية في المفاوضات الأخيرة، فبصرف النظر عن محتوى بنوده وجدوى تنفيذها، إلا أنها بحسب مراقبين، تشكل تحولاً استراتيجياً واضحاً، كونها تأتي من الغطاء الأكبر لهذا التحالف لتؤكد أن هذه الحرب لم تكن حرباً سعودية يمنية، وإن بدت كذلك، لكنها حرب بالوكالة يمسك بخيوطها الكبار من أروقة البيت الأبيض، وهم من أبرموا هذا الاتفاق من دون الرجوع للوكلاء، سواء في الرياض أو في عدن.
والإعلان عن أميركية الحرب جاء في المرة الثانية في المفاوضات الأخيرة، بيد أن المفاوضات السابقة، ابتداء من جنيف وانتهاء بالكويت، كانت بين الوفد الوطني من جهة ووفد ممثل من عدن والرياض، ولم يكن هناك تمثيل أميركي – سعودي بصورة مباشرة في أي مفاوضات، على عكس ما حصل بالأمس في العاصمة مسقط.
لا يختلف يمنيان عن أن إعلان كيري حول الهدنة و خارطة الطريق للحل، ولدت ميتة، إذ لم يصدر مجلس الأمن قراراً ملزماً بوقف إطلاق النار والاعلان عن هدنة، فجاء إعلان كيري مجرد اتفاق متبادل بين الأطراف اليمنية من دون آلية أممية لمراقبة الانتهاكات والخروقات.. وذلك له غاياته..
مراقبون يذهبون إلى الأسباب فيستنتجون أن الإدارة الأميركية المنتهية الصلاحية أمنت للسعودية والتحالف استراحة محارب لتعديل مسار الحرب وفتح جبة جديدة تبدأ أولا بحماية واحد من أهم الممرات المائية في العالم، وهو مضيق باب المندب، وذلك قبل وصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب في العشرين من يناير المقبل, لان ترامب، الذي يبحث عن اشتعال الشرق الأوسط بعيداً عن أميركا ومن دون أن تؤثر على سياسة الانكفاء في الفترة الأولى من حكمه، سيسأل أولاً عن مدى خطر استمرار الحرب السعودية على اليمن على باب المندب.. تحاول السعودية هنا أن تجيبه أن باب المندب آمن، وفي عهدتي.
كيف تحشد السعودية وإدارة أوباما لحرب باب المندب؟
أرسل "التحالف" عدداً من الآليات العسكرية إلى جبهة باب المندب، في حين تستعد القوات الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي لشنّ عملية عسكرية وُصفت بـ"الضخمة" في الجبهة على البحر الأحمر، من دون تحديد موعد انطلاقة هذه العملية التي ستشمل الساحل الغربي لمحافظة تعز.
اللمسات الأخيرة للمعركة بدأت يوم السبت الماضي حيث أرسل "التحالف" عدداً من الآليات العسكرية، والمئات من الجنود، إلى جبهة باب المندب باشراف ضباط إماراتيين، في حين تستعد المرتزقة اليمنية للعملية العسكرية التي ستشمل الساحل الغربي لمحافظة تعز، والذي يسيطر عليه الجيش اليمني و"اللجان الشعبية" منذ آذار العام 2015.
مصدر عسكري أكد لوكالة "الأناضول" أن المئات من الجنود المدربين سيشاركون في المعركة المرتقبة، لتأمين مضيق باب المندب الواقع على طريق التجارة العالمية.
هنا يأتي توظيف مسرحية واشنطن باتهام القوات اليمنية بقصف بوارجهم البحرية قبل أشهر، إذ جرى بعد ذلك خطوات عدة من شأنها السيطرة على باب المندب قبل الخروج من مستنقع اليمن بحسب ما يشير مراقبون، منها:
-إدخال معدات وأسلحة كبيرة إلى عدن وتوزيعها الى جبهات المواجهات وخصوصا جبهة باب المندب..
-قيام قوات التحالف بتعزيز قواتها في جبهة باب المندب بعدد كبير من المرتزقة بإشراف ضباط اماراتيين.
-تحرك قطع عسكرية تابعة للعدوان قرب سواحل المخا بتعز ومحاولة انزال مرتزقتهم هناك.
-شن زحوفات كبيرة وضخمة على ميدي وتعز جنوبا ومحاولة اشغال الجيش عن التحضيرات التي يقوم بها في باب المندب.
-إخلاء الامارات مؤخراً جزيرة ميون اليمنية وتحويلها الى قاعدة عسكرية.
-نشر حوالي تسع طائرات نوع ميراج في ميناء عصب الارتيري المقابل للساحل الغربي الذي اصبح قاعدة عسكرية، وهو ما اعتبره موقع "جاينز" البريطاني المتخصص في الشؤون العسكرية أن الامارات تستعد لجولة حرب قادمة في اليمن.
ويعيد الإهتمام الأميركي باحتلال باب المندب والساحل الغربي لليمن إلى الأذهان تصريحات رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو بعد ثورة 21 سبتمبر، بأن كيانه قلق من سيطرة القوات اليمنية على مضيق باب المندب، وأن اسرائيل تنظر بأهمية استراتيجية للبحر الأحمر وباب المندب كونه ممر بحري هام لإسرائيل لنفاذ تجارتها عبر البحر إلى العالم.