في وقت فشلت دول مجلس التعاون في تشكيل اتحاد يجمعها، يقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العمل على أطلال مشروع القوة العربية المشتركة، محاولاً إعادة طرحه بلغة السياسة أمام أنظار موسكو وواشنطن بما يتوافق مع مصالحهما من جهة، وإظهار مصر كقوة إقليمية على حساب علاقتها بالرياض.
تقرير سناء ابراهيم
يغرد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خارج السرب السعودي، متسلحاً بملفات عدة منها اتفاقية ترسيم الحدود وحاجة السعودية إلى مصر استراتيجياً، ومراهناً على التقارب الروسي الأميركي في المنطقة.
يضع الرئيس المصري للعلاقة مع الرياض حدوداً لا تتخطى مشروعه السياسي في المنطقة ككل، فهو ينظر إلى الشراكة كخيار، ولكنه لا يجد في الخضوع ضرورة. وعلى وقع الخلافات الظاهرة إلى العلن، كثرت الزيارات الامنية والسياسية الى بلاد النيل، وبدأت المفاوضات بشأن التعاون العسكري مع مصر، بل والاقتصادي.
فبعد اللواء السوري علي المملوك وارسال مصر لعناصر عسكرية إلى سوريا، من المقرر أن يبحث قائد الجيش الليبي خليفة حفتر التعاون العسكري مع القيادة في مصر، هذا التنسيق العسكري يعيد الى الاذهان ما كان مطروحاً من قوة عربية المشتركة التي لم تهتم بها الرياض عندما طرحت خلال اجتماعات جامعة الدول العربية السابقة.
ويتوجه قائد الجيش الليبي إلى القاهرة بحثاً عن دعم عسكري لمواجهة الارهاب، في ضوء التزام مصر بدعم الجيوش العربية لا سيما الجيش الليبي، من خلال اللواء حفتر لمواجهة تهديد الجماعات المتطرفة، وسيعقد حفتر اجتماعات مع القيادات العسكرية المصرية خاصة المعنية في الشؤون الليبية، وفق ما كشف موقع “ميدل إيست مونيتور” الإلكتروني.
وزيارة حفتر هي الرابعة خلال الأشهر الماضية، عقب زيارته إلى موسكو، حيث ناقش مع المسؤولين الروس إمكانية ممارسة الضغط الروسي في اتجاه رفع حظر السلاح المفروض على ليبيا، في وقت كشفت تقارير إعلامية عن الإمدادات العسكرية المصرية إلى ليبيا لدعم العمليات العسكرية.
ولم يقتصر الحضور العسكري للجيش المصري على ليبيا، بل اجتاز البحر الأحمر ليصل إلى سوريا، بحسب ما تؤكد التقارير الإعلامية، التي أشارت إلى أن 18 طياراً وضباطاً أرسلوا إلى سوريا لدعم عمليات الجيش السوري، وهو أيضاً يأتي في إطار نظرية السيسي في “دعم الجيوش الوطنية”، والتي تمثل نقطة إلتقاء أولى بينه وبين الرئيس الأميركي الجديد، الذي طالما دعا واشنطن إلى دعم هذه الجيوش لمحاربة الإرهاب بدلاً مع دعم ما أسماهم بـ”الثوار”.
وقد تنجح محاولة السيسي في التسويق لسياسة مصر الخارجية إزاء القضايا الاقليمية في ظل التقدم الميداني في كل من حلب السورية وسرت الليبية، في حين تتعثر المشاريع الخليجية بالانتقال من التعاون إلى الاتحاد الخليجي، وهو ما بدا في انتقال الحلم من قمة المنامة إلى الكويت.
يعمل السيسي على اجتذاب توافق الأقطاب الدولية واشنطن وموسكو، معلناً عن نيته بمحاربة الإرهاب المتمدد في المنطقة من خلال مشروعه دعم الجيوش العربية ضد الإرهاب، على حساب علاقاته بالرياض، التي أدرجت المشروع في درج التأجيل. وصلت رسالة السيسي إلى الرياض وموسكو وواشنطن بأنّ تأسيس قوة عربية مشتركة له أرضية في دول عربية عدة كسوريا وليبيا كبديل عن الخليج.