في وقت أعلنت أنقرة عن استعدادها لسحب قواتها من بعشيقة مع انتهاء عمليات الموصل، رأى مراقبون أن تركيا تعمل من أجل إزاحة الرياض واستلام زعامة أهل السنة في العراق، خاصة أن السعودية اضمحل دورها هناك، وتنوي فرض شروطها لإرساء التسوية الوطنية بين العراقيين.
تقرير سناء ابراهيم
على الرغم من تقدم معركة الموصل بشكل بطيء نسبياً، إلا أن بحث حقبة العراق ما بعد “داعش” يجري على قدم وساق، انطلاقاً من مبادرة “التسوية الوطنية” التي أطلقها زعيم “التحالف الوطني” رئيس “المجلس الإسلامي الأعلى” السيد عمار الحكيم، في وقت تكثر محاولة الاستقطاب للدعم المحلي والإقليمي والدولي، بهدف تنفيذ الخطة، يظهر الموقف السعودي بأنه يتعامل معها بمنطق الخاسر، في حين أن تركيا تبدي استعداداً لتسهيلها، لكن مقابل مكاسب لها.
ليس خافياً ما خلّفه المشروع السعودي في العراق من تهجير وتدمير طغى على المحافظات الغربية والشمالية، فضلاً عن السياسات التي اتبعتها الرياض مع بغداد. يمكن لهكذا تاريخ من العلاقات أن يوضح أهداف خطة التسوية في استبعاد المملكة من التدخلات، وردعها عن أفعال جديدة في بلاد الرافدين،
من هنا، بيّن مراقبون أنه في حال سلوك التسوية طريق التنفيذ فإن الرياض تبدو الخاسر الوحيد، مشيرين إلى احتمال أن تعمد المملكة إلى اتخاذ إجراءات احترازية تحسباً لما ستؤول إليه الأوضاع بعد طيّ صفحة الموصل، حيث من المتوقع أن يقوم ثامر السبهان وزير الدولة للشؤون الخارجية، بزيارة إلى بغداد لإبلاغ المسؤولين العراقيين شروط بلاده لمباركة “التسوية”، غير أن الموقف السعودي شبه الميت في بغداد يؤكد موقف الأخيرة مما سينتج عن الشروط.
على المقلب الآخر، فإن اللاعب التركي يبدو أنه يبارك “التسوية” العراقية، منطلقاً من تغيير موقفه من المشاركة في معركة الموصل، وإعلانه لتعهد خروج قواته من بعشيقة بعد انتهاء العمليات في الموصل، غير أن هذه التسهيلات التركية لا يبدو أنها من دون مقابل، بل تسعى من خلالها أنقرة إلى كسر الجليد بينها وبين بغداد، ما يشير إلى تحول الساحة العراقية إلى ساحة مقايضات تسلتم من خلالها تركيا “زعامة السنة”، هناك، وتقدم إرضاء للعراقيين في محاربة “العمال الكردستاني” في قنديل وسنجار وغيرهما من المناطق الجبلية، وفق ما قال مراقبون.