عقب التقدم العسكري الذي أحرزه الجيش السوري على أكثر من جبهة في المرحلة الأخيرة وتحرك المساعي السياسية الدولية تجاه سوريا، اتخذت الأمم المتحدة مساراً معاكساً للذي انتهجته قبل خمس سنوات بدفع من بعض الدول الإقليمية التي تم تهميشها في الأزمة أخيراً.
تقرير هبة العبدالله
تبنت الأمم المتحدة، مساء يوم الخميس 22 ديسمبر/كانون الأول 2016م قراراً يدعو إلى تشكيل فريق عمل لتتحقيق في جرائم حرب ارتكبت في سوريا تمهيداً لملاحقة المسؤولين عنها.
ويظهر اسم قطر والسعودية، بالتحقيق في خلفية القرار، من بين الدول التي مولت صراحة المجموعات المقاتلة في سوريا، والتي بالرغم من تقلص دورها وتراجع نفوذها في الأزمة، إلا أنها لم تستسلم بعد لانتهاء دورها في سوريا. وتحاول كل من الرياض والدوحة العودة إلى الأزمة السورية عن طريق الملف الحقوقي والإنساني.
لم يسبق للدوحة التي دعمت مؤخرا إمارة ليختنشتاين الأوروبية اقتران اسمها بأي من قضايا المنطقة العربية لتقديم القرار الأخير عن سوريا في مجلس الأمن المتعلق بالتحقيق في جرائم الحرب هناك، وهو الأمر الذي لقي ترحيباً من المملكة السعودية أيضاً كمؤشر على وقف السعودية وقطر في مقترح هذا القرار وصياغته وتقديمه لمجلس الأمن.
ويثير وقوف دول مثل قطر والسعودية خلف مشروع القرار تساؤلات حول الجهات التي ستخضع للمحاسبة بعدما ثبت انتهاك المجموعات المسلحة انتهاكات في سوريا بتشجيع من الدول التي تمولها سواء اقليمياً أو دولياً.
واعتبر مندوبو سوريا وإيران في مجلس الأمن أن الثغر القانونية في القرار تجعل منه انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة وسيادة سوريا بما يتعارض مع الجهود الدولية المبذولة هناك.
وأكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن ما تضمنه مشروع القرار الذي قدمته قطر وليشتنشتاين “يثبت فجوة بين النهج والتطبيق ويعكس النية المبيتة لدول العدوان على سوريا، ويقوض فرص الحل السياسي وإجراءات المصالحة الوطنية”، مضيفاً خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة أن مشروع القرار “لا يصب فى مصلحة مكافحة الإرهاب وإنما تمدده”.
لم تزد الحرب في سوريا على قساوتها ودمويتها تعريف الإرهاب وضوحاً. وكانت وسائل الإعلام العربية حتى الأيام القليلة الماضية تختلف في تحديد التحركات العسكرية للجيش السوري وحلفائه تجاه المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين بالتحرير أو السقوط، وهو ما يعني أن الموقف العربي تحاه مرتكبي جرائم الحرب ليس محسوماً بعد كما تجاه الجهات المطلوب محاسبته. يمكن توقع الكثير من المتاجرة في حقوق الإنسان بعد الإنجازات الميدانية الأخيرة.