على وقع الخسائر المتتالية التي تلقاها النظام السعودي إقليميا ودوليا، والمجازر في اليمن، والتصعيد في البحرين، دخلت جرافات النظام إلى “حي المسورة” في بلدة العوامية صباح يوم الأربعاء 1 فبراير/شباط 2017، سعياً إلى هدم إحدى منازل الحي، إلا أن الأهالي خرجوا من منازلهم رافضين تهجيرهم.
تقرير دعاء محمد
مضت السلطات السعودية في هدم “حي المسورة” في بلدة العوامية بالرغم من التنديد الحقوقي والغضب الشعبي من تشريد آلاف المواطنين، ورفض المتخصصين بالآثار للهدم لحي تراثي.
وعمدت الجرافات والآليات التابعة للنظام إلى البدء بهدم أول المنازل في الحي، الذي كان سكانه قد غادروه بعد قطع الكهرباء عنهم، إلا أن الأهالي رفضوا بدء الهدم، مناشدين المنظمات الحقوقية بالتحرك لكي لا ينتهي بهم المطاف بلا مأوى.
وكان أهالي منطقة القطيف قد أعلنوا تضامنهم مع سكان الحي، حيث أقاموا مخيما افترشوا فيه الطرقات، ورفعوا لافتات أكدوا فيها على عدم التفريط بالحقوق. وأتى مضي السلطات السعودية بعملية الهدم على الرغم من تصاعد الأصوات الشعبية الرافضة له، حيث أشارت مئات العائلات إلى أنها ستبقى من دون مأوى. كما أن التقارير أكدت عدم وجود خطط حكومية من أجل تأمين منازل بديلة للآلاف من سكان الحي وتحدثت عن العشوائية التي إتسمت بها عملية تثمين المنازل.
واعتبر مراقبون أن دخول الجرافات إلى الحي إشارة جديدة إلى أن النظام ماض في سياساته الانتقامية التي تنتهك القانون الدولي. وكانت منظمات حقوقية قد رأت أن عملية الهدم انتهاك للقوانين التي تحمي التراث العالمي، كما أن “مركز التراث العمراني” السعودي قد حذر من ذلك.
وأوضح المشرف العام على المركز مشارى بن عبد الله النعيم أن الحي يحوي مبان تراثية وهذا ما يجعل إزاله مخالفة لنظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني. وفيما ينتظر أقدم أحياء بلدة العوامية مصيره، يتمسك أهله بأرضهم وتاريخهم، ويصرون على الدفاع عن حقوقهم التي لطالما تعرضت للانتهاكات.
توقيت حساس
تتالت سلسلة من الأحداث في المنطقة منذ بداية عام 2017 وجهت الأنظار إلى أيدي النظام السعودي فيها. فمن العدوان على اليمن الذي تتوالى الهزائم السعودية فيه، إلى البحرين، حيث يتزايد الصمود الشعبي، تشكَّلت أحداث حدت خيارات المملكة المتحمسة للعب دور إقليمي أكبر على الرغم من التعثر المالي والسياسي والميداني.
لم تعد الخيبات المتتالية التي منيت بها الرياض تقتصر على التغيرات الميدانية في سوريا والعراق، ولا النكسات في التحالفات في مصر والولايات المتحدة ووصلت إلى أبوابها، وجعل هذا الواقع النظام يمد أيديه إلى الميادين الأقرب في كل من اليمن البحرين، التي ما زالت قوات “درع الجزيرة” شاهداً على دور السعودية فيها حيث تصاعدت الانتهاكات.
وأقدم النظام البحريني منذ بداية عام 2017 على إعدام ثلاثة من النشطاء، وتلى ذلك الهجوم العنيف على المعتصمين في بلدة الدراز غربي العاصمة بالأسلحة الحية. أما على الجبهة اليمنية، فصعد النظام السعودي جرائمه ضد اليمنيين مرتكباً المزيد من المجازر، وردت القوات اليمنية على هذا التصعيد وصولاً إلى إستهداف البارجة ما عد تطوراً عسكرياً مهماً.
وفي السعودية، عمد النظام إلى إعادة قضية “حي المسورة” إلى الواجهة، حيث أعلن نيته بدأ هدم الحي التاريخي متجاهلاً موجات الرفض الشعبي والحقوقي. وأشار مراقبون إلى أن الرد اليمني القوي على الانتهاكات دفع الرياض إلى تصعيد حملتها في الداخل ضد أهالي بلدة العوامية وهذا ما ظهر في الاستقدام السريع للآليات الثقيلة للبدء في عملية الهدم. وفيما تتوالى الصفعات التي يتلقاها في المنطقة والعالم، يحاول النظام السعودي الرد بما امتلكت أيديه من أسلحة وأنظمة.