تقرير محمد خالد
شيء ما يتغيّر في الإقليم. يبدو أن لعبة المصالح بين الأطراف العربية والدولية التي اجتمعت على سوريا، بدأت تفرّقها. قررت تُركيا التي لطالما لعبت دور رأس الحربة في المشروع المعادي لسوريا القفز من القارب المثقوب، فيما لا تزال السعودية متمسّكة ببعض الفصائل المسلّحة كآخر ورقة قبل الغرق.
واختارت الولايات المتحدة، قائد اللاعبين ضد النظام السوري، اللعب على خطوط حلفائها، فدعمت “قوات سوريا الديمقراطية” التي تضم “وحدات حماية الشعب الكردية” بمركبات مدرّعة تحضيراً لإطلاق مرحلة عزل مدينة الرقة نهائياً وقطع الطريق بينها وبين مناطق يسيطر عليها “داعش” في محافظة دير الزور جنوب سوريا.
وأزعج الدعم الأميركي للقوات الكردية المقاتلة على تخوم الحدود التركية أنقرة التي لطالما أبدت اعتراضها على خطط أميركية لتسليح أطراف كردية خوفاً مشروع “الدويلة الكرديلة” المزعوم، مما دفعها سابقاً إلى شنّ حملة “درع الفرات” امتدت من مدينة جرابلس شمال شرق حلب، وتسعى للوصول إلى مدينة الباب المتاخمة للحدود التركية.
وتلا هذا المستجد في العلاقة بين واشنطن والأكراد مستجد لافت للانتباه على خط معركة الباب التي لم تنجح القوات التركية في حسم المعركة فيها بعد. فقد تحدّثت معلومات صحافية عن حشد للجيش السوري سبق هجوماً له نحو الباب محرزاً تقدّماً سريعاً أوصله على بُعد سبعة كيلوميرات فقط من الباب التي ظلّت إلى اليوم عصية على القوات التركية.
ويأتي التقدّم السوري نحو الباب الي يسيطر عليها “داعش” متزامناً مع المساعي لإطلاق عجلة الحلّ السياسي من الأستانة، فيما تقول المعلومات إن موسكو لعبت دول ناقل الرسائل بين أنقرة ودمشق، وهي رسائل شدّدت كلها على أن الجيش السوري عازم على تطهير الباب من “داعش” من دون التعاون أو التنسيق مع الأكراد.
يبدو أن الدعم الأميركي المتزايد للأكراد سيوسّع الهوّة بين واشنطن وأنقرة، وسيجبر الأخيرة على اتخاذ خطوات إيجابية إضافية من حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، برعاية روسية. أما السعودية ومعها دول خليجية أخرى، فهي تترقب تغيّر المواقف التركية الآخذة في التنسيق بعمق مع روسيا وإيران حيال الملف السوري.
وبعد قول نائب رئيس الوزراء التركي محمد شمشيك إنه يجب أن “نكون براغماتيين، فالوقائع على الأرض تغيرت جذرياً، ولذلك لا يمكن لتركيا أن تواصل الإصرار على تسوية الأزمة السورية من دون الأسد”، صار من المتوقع أن نسمع تصريحات سعودية من النوع التي أدلى بها السفير السعودي لدى أنقرة عادل بن سراج مردادى لموقع “بي بي سي” الإلكتروني أخيراً ووصف فيها تغيّر موقف تركية من الملف السوري بأنه “غدر” للدول العربية.