يقف وراء أزمة السكن العميقة في السعودية أمراء ومتنفذون باعوا الوهم للمواطنين الذين بات المنزل بالنسبة إليهم حلماً.
تقرير دعاء محمد
لم تنجح مليارات الدولارات وعقود من الوعود في تقدم السعودية خطوة نحو حل أزمة السكن التي تعاني منها بلاد المليوني كيلومتر متر مربع، إذ تؤكد الإحصاءات الرسمية أن نصف السعوديين لا يمتلكون مسكناً، فيما تشير التقارير إلى أن النسبة تتعدى ذلك، إضافة إلى السكن غير اللائق الذي يعيش فيه مئات الآلاف منهم.
وتقف أسباب عدة وراء فشل مخططات الحكومة السعودية التي أعلنت عنها لسنوات كحلول للأزمة، إلا أن الفساد والاحتكار من أبرزها. وعلى الرغم من أن السلطات تحاول إخفاء الأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطنون إلا أن أزمة السكن بقيت في دائرة الضوء بسبب اتساع رقعتها وتكشف زيف أسبابها المعلنة. ودفع هذا الواقع الحكومة السعودية إلى إنشاء وزارة للسكن وإدعاء التخطيط لمشاريع بقيت حبراً على ورق لسنوات.
وبرز في جنوب الرياض مخطط المزاحمية السكني، حيث بدأت عمليات بيع صكوك أراضٍ بأسعار مغرية إلى المواطنين، برزت أيادي أمراء نافذين فيها. وبعد أشهر ومع اكتمال عمليات البيع، صدر أمر قضائي أعلن عن وجود 15 ألف صك مزور لبيع الأراضي.
وتناقلت وسائل إعلامية سعودية معلومات عن دخول هيئة مكافحة الفساد الرسمية في التحقيقات وتحدثت عن تورط مسؤولين في الوزارات، إلا أن الأصوات اختفت بعد فترة وخسر المواطنون أموالهم من دون أية تعويضات.
أما في المنطقة الشرقية، وتحت عنوان "مخطط النسيم" الذي أعلن عن إنشائه من خلال ردم الساحل البحري في سيهات، تلقى المواطنون في المنطقة نبأ إمكانية التملك فيها، فسارعوا إلى شراء الأراضي. إلا أن آمالهم خابت بعد فترة مع سيطرة الأمانة العامة للمنطقة على المشروع، مدعية أنها "منطقة بحرية"، فتمّ إيقاف مشروع الردم في أجزاء منها.
وتكرر السيناريو نفسه مع أهالي بلدة العوامية، الذي اشتروا بمليارات الدولارات من "مخطط دانة الرامس"، لينتظروا بعد ذلك 20 عاماً من دون الحصول على عقاراتهم أو استعادة أموالهم تحت حجة إعتراض شركة "أرامكو" على المخطط لأنه يقع في "منطقة نفطية".
وكذلك ما حصل مؤخراً لـ"مخطط الساحل الشرقي" لبلدة عنك في القطيف والمعروف بـ"النايفية"، حيث أبطلت المحكمة جميع الصكوك كذلك وحكمت بإرجاع الأرض إلى ورثة الأمير نايف بن عبد العزيز الراحل الذي كان قد ردم البحر وتملكها. باع الأمراء والمتنفذون في مشاريع عدة الوهم للسعوديين، وأكدوا دورهم في جعل الحق في السكن حلماً في مملكة النفط.