تطرح زيارة الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى لبنان تساؤلات عدة، خاصة أنها الزيارة الثانية خلال أقل من أربعة أشهر، في وقت يزداد فيه مسار قانون جديد للانتخابات تعقيداً بسبب عدم التوافق على صيغة تضمن تمثيلاً عادلاً لمختلف القوى اللبنانية.
تقرير محمود البدري
حمل الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان أكثر من رسالة إلى السلطات اللبنانية، على عكس ما أشيع أنها زيارة وديّة. فلقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين، وعدم اقتصارها على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، يدل على أن في جعبته الكثير.
لن تأتي زيارة ثانية لبيروت، في أقل من أربعة أشهر، فقط لإبلاغ الرئيس عون رفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان، أو أن المملكة مستعدة للوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية، وأن العلاقات الدبلوماسية ستتجدد من خلال تعيين سفير سعودي جديد في بيروت. بل أن توقيت الزيارة الذي جاء في وقت يحتد فيه الجدل بين الأطراف السياسية اللبنانية حول قانون انتخابي لإنجاز الانتخابات النيابية على أساسه، وسط مساعي كل طرف لفرض رؤيته حول صيغة هذا القانون، يطرح تساؤلاً كبيراً خاصة وأنه كان للمملكة دور كبير في تخطي قانون النسبية الذي يؤمن فعلاً التوزيع العادل للمقاعد النيابية، والإبقاء على قانون الستين الذي يضمن بقاء السلطة السياسية الحالية المهيمنة على لبنان منذ سنوات، وبالتالي لا تبديل مطلقاً في طبيعة السياسات التي تعتمدها، والتي من أهمها الحفاظ على مصالح السعودية.
إذن، فإن كلام السبهان بأنه لم يتطرق إلى قانون الانتخاب اللبناني خلال حديثه مع المسؤولين اللبنانيين لأنه شأن داخلي بحت، وتأكيداته بأن المملكة تدعم كل توجه يحقق العدالة للجميع، هو مجرد خضوع لواقع جديد فرض على المملكة في لبنان.
فكما أدت السعودية دورها في الانفتاح على العهد الجديد، سيكون لها تأثير في المرحلة المقبلة لتقليص فارق السلبيات، بعد التغييرات الاقليمية، وحاجة السعودية إلى ملفات تمسكها بها بإحكام لتضمن بقائها ووجودها الفاعل في المنطقة.
تأخذ السعودية في الحسبان حلفاءها المسلمين والمسيحيين في أي استحقاق أساس في لبنان، وهذا ما حصل في السنتين الأخيرتين من الشغور الرئاسي. لكن السعودية في مرحلة الانفتاح الجديدة التي بدأها عهد عون ستنتظر ما ستؤول إليه المناقشات السياسية حول قانون الانتخاب، ومعرفة مصلحة الحريري و”تيار المستقبل” الذي يتزعمه وفي أي قانون يمكن أن يكون وضعهما مريحاً. لأنه، وفقاً لذلك، بإمكان السعودية أن تأخذ بجدية مطلقة مسيرة العهد الجديد وتعامله مع الدول العربية ولو مع بقائه حلقة وسطية بين المحورين الإقليميين.