أن يعلن الأردن عدم دعوة سوريا إلى قمة عربية في عَمّان متذرعاً بالتزامه بقرارات جامعة الدول العربية، هو أمر لا يدعو للاستغراب.
فعلى مدى سنوات شكّل الأردن المنصّة الرئيس لدعم الإرهابيين في الجنوب السوري، تسليحاً وتمويلاً وإدارةً ودعماً استخبارياً ولوجستيّاً، ووصل الأمر بعمّان إلى تغليب مصالح الدول المعادية لسوريا، على مصلحة الكيان نفسه، عبر الخضوع للضغوط وإغلاق معبر نصيب الحدودي مع سوريا والقبول بسيطرة إرهابيي “جبهة النصرة” عليه.
وبعد سنوات من رعاية واحتضان المخابرات الأردنية والإسرائيلية لتنظيم “داعش” في حوض اليرموك جنوبي غربي درعاً، تحوّل انتشار التنظيم إلى ذريعة لتدخل عسكري عربي ــ أردني ــ إسرائيلي مباشر في الجنوب السوري، في ظلّ ضغوط أميركية على دول الخليج للإعلان عن تعاون عسكري علني مع إسرائيل على الساحة السورية.
وعليه، فإن الجنوب السوري، يبدو الجغرافيا الأبرز لإجراء الاختبار الأوّلي حول إمكانية رفع مستوى التنسيق العسكري العربي ــ الإسرائيلي وعلانيّته. وأكّدت مصادر أمنيّة لبنانية، لصحيفة “الأخبار” اللبنانية وجود “ضغوطٍ أميركية لإعلان تحالف علني في الميدان السّوري، يضمّ السعودية والإمارات ومصر والأردن وإسرائيل، يكون مسرحه الجنوب السوري، وهدفه المزعوم “طرد داعش” من منطقة حوض اليرموك على أن يمتدّ عمل التحالف لاحقاً إلى كامل الحدود السورية ــ العراقية وصولاً إلى مدينة الرّقة.
في المقابل، أكدت مصادر أمنية سورية أن الأردن “يحاول القول إنه يريد تحسين العلاقات مع الدولة السورية، فيما يتآمر مع السعودية وإسرائيل لانتزاع حصّة في الجنوب السوري”.
وبعد هدوء “محدود” طبع الجبهة الجنوبيّة منذ فشل عمليات “عاصفة الجنوب” ضد الجيش السوري خلال عام 2016، يعود الجنوب السوري ليتصدّر المشهد العسكري والسياسي، في أحداث معقّدة ومترابطة، تشبه الواقع الجغرافي والديموغرافي لمحافظات درعا والقنيطرة والسويداء، الواقعة ضمن مخمّس استراتيجي: دمشق، لبنان، الجولان المحتلّ، الأردن والبادية السورية ــ العراقية.