نبأ نت – يسير الأزهر في ظل الدبلوماسية المصرية التي تحرص على استمرار العلاقة مع السعودية، وما يتطلب ذلك من تغاضٍ عن ما يثيرها، مثل انتقاد العدوان على اليمن أو إبداء الرأي الجامع بشأن الأزمة في سوريا.
انحازت مؤسسة مصر الدينية الأرفع، في الأيام القليلة الماضية، إلى صف التحالف السعودي، بإلقائها المسؤولية في استهداف مسجدٍ في منطقة صرواح في محافظة مأرب شرقي اليمن، على “أنصار الله” وحلفائهم، واتهمهم الأزهر بالطائفية “تنفيذًا لأجندات خارجية”.
تبدو مواقف الأزهر وصوته خافتة مقارنة مع تحريض الإعلام والمنابر للمسلمين على بعضهم، في ظل الحاجة إلى موقف ديني يقف بوجه القتل والتحريض في أكثر من بلد عربي. خفت هذا الصوت منذ تنصُّل شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب من “تبعات” مؤتمر غروزني، العاصمة الشيشانية، الذي عقد في شهر أغسطس/آب 2016، وأثار حفيظة الرياض لأنه استثنى السلفية، مرادف الوهابية، من قائمة المشمولين بصفة “أهل السنة”.
مجازر ودمار وحصار للمسلمين في اليمن لا تثير غضب الأزهر، بل يستنكر مفتي مصر شوقي علام استهداف ما سماها “الميليشيات الحوثية”، قاصداً “أنصار الله”، للمسجد في صرواح، الذين حملوا المسؤولية في ذلك لتحالف العدوان. ولم يعلُ صوت الأزهر لدماء شهداء المجزرة التي ارتكبها العدوان في الصالة الكبرى في صنعاء، في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
انتصر الطيب للسعودية ضد إيران على خلفية كارثة التدافع التي وقعت في منى خلال موسم الحج الماضي، وقضى فيها مئات الحجاج الإيرانيين، إذ هاجم الطيب قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي لقوله إن الحجاج الإيرانيين يتعرضون للظلم، واتهمه بـ”إثارة النعرات الطائفية والمذهبية”.
وماذا عن موقف الأزهر من الأزمة في سوريا؟ في بداية الأزمة، وجه الطيب رسالة إلى السوريين وتحديداً النظام، الذي لا يخفى أنه قمع الحراك السلمي، تحدث الأزهر في رسالته عن “مواجهة للعشب الأعزل بالرصاص الحي”، ثم طالب القيادة السورية بأن “تعمل فوراً على وقف إراقة الدماء”. ومع تدفق مئات الآلاف من الإرهابيين من أنحاء العالم إلى سوريا، ظل رأي الأزهر ثابتاً على أن ما يجري في هذا البلد “صراع طائفي بغيض”. وبدا الموقف أكثر ثباتاً في بيانٍ لمؤتمر عقد في القاهرة خلال يونيو/حزيران 2013، بمشاركة الأزهر، اعتبر أن “ما يجري في أرض الشام من عدوان سافر من النظام الإيراني وحزب الله اللبناني وحلفائهما الطائفيين، حرب معلنة على الإسلام والمسلمين عامة”.
وقف الطيب كمصري ضد أبناء جلدته عند اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2010، حينما أفتى بحرمة الخروج في مظاهرات ضد نظام الرئيس حسني مبارك. أما “الحشد الشعبي” في العراق الذي يقاتل تنظيم “داعش” فهو “ارتكب مجازر ضد أهل السنّة”، كما يرى الطيب.
ما يعيشه الأزهر حالياً من وهن في القيادة الدينية يختلف عن تاريخه المقاوم للاستعمار، فقد قاد شيوخ الأزهر المقاومة في أكتوبر/تشرين الأول 1798 ضد الفرنسيين إبان حملة نابليون بونابرت، كما واجهوا الحملة الإنكليزية على مصر عام 1807، وأفتوا حينها بوجوب الجهاد. وكانت مواقف شيخ الأزهر الشيخ محمد عبد اللطيف الذي تعرض الفصل مرتين عن المشيخة، حاسمة في مساندته ثورة عام 1919 ضد الاحتلال الإنكليزي، والاحتجاج على ملك بريطانيا في عام 1931 بسبب الإساءة إلى الثائر الليبي عمر المختار.
أزهر اليوم ذابل لونه، يعيش في حماية الطبقة السياسية الحاكمة في مصر ولا يبادر حتى إلى النقد لأدائها اتجاه الأزمة الاقتصادية لهذا البلد. وعندما يتعلق الأمر بالسعودية، فإن الطيب يرى أنها تدعم الإسلام والمسلمين في جميع الدول العربية والإسلامية.