أفرز العدوان الأميركي على قاعدة الشعيرات السورية حالة انقسام عمودية، وفيما حسمت معظم الدول أمرها لناحية تأييد أو معارضة الضربة الصاروخية، تمثل موقف القاهرة الرسمي بالتعبير عن القلق، تاركة للشارع المصري مهمة نصرة دمشق.
تقرير رامي الخليل
“من دمشق هنا القاهرة”، هذا كان موقف سوريا الرسمي والشعبي منذ واحد وستين عاماً خلت، تاريخ العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، حينها لم تتأخر دمشق بإعلان انحيازها القومي للقاهرة عندما اعتدت طائرات بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على أراضي الكِنانة، ولا تزال صرخة الاعلامي السوري الهادي البكار من إذاعة دمشق تدوِّي عالياً، وتذكِّر مصرَ بأن لسوريا ديناً عليها، لم يوفَّ حتى اليوم.
بعد العدوان الأميركي على سوريا، دعت الرئاسة المصرية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لاحتواء الصراع السوري، وتوجهت لموسكو وواشنطن بطلب التوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة، غير أنها لم تستنكر ولم تتطرق ولو همساً إلى القصف الأميركي على قاعدة الشعيرات.
لم ينسحب هذا الصمت الرسمي على الشارع المصري، وعلى الرغم من أن الهجوم أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن احتلال وسم #هنا_دمشق_من_القاهرة للمركز الأول على موقع “تويتر” أكد أن غالبية المصريين لم تتماه مع موقف القاهرة.
وسخر وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري السابق عمرو دراج من صمت القاهرة الرسمي، فكتب في تغريدة على حسابه على “تويتر: “(الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي الآن في ورطة، يا ترى أؤيد رئيسي وقائدي ترامب ولا حليفي وتوأمي (الرئيس السوري) بشار (الأسد)؟ ولا خليني ساكت أحسن يمكن تعدي؟ خلينا نشوف ونتفرج”.
أما الإعلامي مصطفى عادل فاستنكر موقف بلاده قائلاً: “هنا_دمشق_من_القاهرة يا جماعة يا سيساوية، حد يصحي حكومتنا ويقولها جيشنا الأول انضرب واحنا قاعدين، أميركا أحرجت مصر والسيسي بفعلتها”.
الجمهورية العربية المتحدة التي جمعت يوماً مصر وسوريا، كانت حاضرة أيضاً، فكتب مصطفى عطا: “ستبقى سوريا وجيشنا الأول الجيش السوري هم في قلب كل المصريين، وفرحة إسرائيل والسعودية تثبت مقاومة وشرف بشار الأسد”.
أما على المقلب الآخر، فتساءل الصحافي محمد رفعت لماذا لم تقصف الولايات المتحدة سوريا لإسقاط نظامها كما فعلت مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، فيما اعتبر الصحافي عاطف الحملي، أن الضربة كشفت عن رغبة أميركية في تحييد كل الأطراف المعنية بالشأن السوري.
فيما يتابع السيسي سياسة الهرب من استحقاقات الفشل الاقتصادي بالخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، ويقفز فوق أحكام القضاء عبر تخليه عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، أكد الشعب المصري من جديد أن بينه وبين قيادته السياسية شرخاً كبيراً، وبأنه متى استصرخته عروبته، فإنه لن يتقاعس عن تلبية النداء، كما ولن يتأخر عن رفع الصوت قائلاً: من القاهرة هنا دمشق.