تطورات كثيرة شهدتها العلاقات السودانية السعودية خلال العامين الماضيين، من مشاركة الخرطوم في “العدوان على اليمن” ضمن قوات “التحالف” الى إعلانها العداء لإيران، وما بينهما من أدوارٍ أميركية مهدّت الطريق لذلك.
تقرير عباس الزين
بعيداً عن نظرية المؤامرة، لكن مسار العلاقة الأميركية السودانية، خلال عام 2016 وحتى الآن، يشي بأن الأدوار قد تم توزيعها بين الرياض وواشنطن، منذ ما قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
قبيل رحيله من البيت الأبيض بأسبوعين، رفع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما العقوبات الفروضة على السودان تحت عنوان “الوساطة السعودية”، فيما يبدو أن قطف الثمار سيكون في عهد ترامب، وليست الصورة المرتقبة للرئيس الأميركي إلى جانب نظيره السوداني في الرياض، إلاّ تجسيد واضح للأهداف التي دفعت واشنطن إلى إلغاء العقوبات برعاية سعودية.
لا تقتصر تكاليف علاقة السودان مع السعودية على إنهاء العلاقة بإيران، خصوصاً أن ذريعة قطع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية المتجذرّة سببٌ لا يُبطل العجب، تمثل بحادثة إحراق السفار السعودية في طهران.
قدمت الرياض وعوداً كثيرة للخرطوم، لم تترك مجالاً للشك حول أسباب الإنسياق الأعمى نحو الرياض، تتلخص بضخ استثمارات ضخمة في القطاع الزراعي السوداني، تقدّر بما لا يقل عن 300 مليار دولار، بالإضافة الى مساعدات مالية بمليارات الدولارت، وما تلا ذلك من تدفق رؤوس أموال خليجية من السعودية والإمارات إلى السودان.
تسعى الرياض إلى زجّ الخرطوم في تحالفات مع الولايات المتحدة من شأنها الحرب على إيران، كما يحاول دونالد ترامب إشاعته، وفي أقل تقدير هي حرب ضد الإرهاب بالمفهوم السعودي والأميركي، ومقابل ذلك، العملة، وهي لعبة السعودية المفضلة مع الدول الفقيرة، الأفريقية خصوصاً.
وتحضيراً للدور السوداني الجديد، أطلقت السعودية مناورات “الدرع الأزرق ــ 1” مع الحليف الجديد، وهي المناروات الأولى من نوعها بين البلدين، مما شكّل خطوة متقدمة في المسار التصاعدي الذي تشهده العلاقات بين البلدين، في تحرّك لا يخلو من رسائل تلامس حدود مصر، بحسب مراقبين، وفي وقت يدخل فيه العدوان السعودي على اليمن عامه الثالث.
لم يقتصر دور السعودية في إستدراج السودان إلى المربع الأميركي بالمال، بل بدأت الرياض إستغلال هذه العلاقة الجديدة في الضغط على مصر، وهو ما بدا واضحاً في زيارة عمر البشير الأخيرة للرياض، حيث طالب بمنطقة مثلث حلايب وشلاتين، محل النزاع الحدودي مع مصر، وذلك بعد فترة وجيزة من إسقاط المحكمة الدستورية العليا في القاهرة، مشروع ترسيم الحدود مع الرياض، والقاضي بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
انتقال البشير بسلاسة، من مربع التحالف مع إيران إلى مربع خدمة السعودية، كانت بدايته مع الضغوط التي مارستها التيارات السلفية على الحكومة السودانية، مدفوعةً من الوهابية السعودية، فيما شكّلت العلاقات السودانية – الإيرانية، حجرة عثرة في طريق تطبيع علاقات الخرطوم والخليج، بحثاً عن شريك في التحالف الإسلامي العسكري ضد “الإرهاب” بالمفهوم السعودي.